الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                الكلام في مهر المثل الأصل في اعتباره : حديث أبي سنان الأشجعي " أنه صلى الله عليه وسلم { قضى في بروع بنت واشق وقد نكحت بغير مهر فمات زوجها : بمهر نسائها } أخرجه أبو داود والترمذي ، والنسائي ، وابن حبان ، والحاكم ، وغيرهم وقال سعيد بن منصور في سننه : حدثنا خالد بن عبد الله : عن يونس عن الحسن ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في امرأة توفي عنها زوجها ، ولم يفرض ، لها صداقا ، لها مثل صداق نسائها } قال الأصحاب ، مهر المثل : هو الذي يرغب به في مثلها ، وركنه الأعظم : النسب فينظر إلى نساء عصبتها ، وهن المنتسبات إلى من تنتسب هذه إليه وتقدم القربى ، والشقيقة فأقربهن : الأخوات لأبوين ، ثم لأب ، ثم بنات الإخوة ، ثم العمات ثم بنات الأعمام كذلك ، فإن فقدن ، فنساء الأرحام ، كالجدات ، والخالات .

                والمراد بالفقد : أن لا يوجدن أصلا ، أو لم ينكحن ، أو جهل مهرهن ولا يتعذر اعتبارهن بموتهن فإن فقد الأرحام ، فمثلها من الأجانب وتعتبر العتيقة بعتيقة مثلها ، وينظر إلى شرف سيدها ، وخسته ، ويعتبر البلد ، والصفات المرغبة : كالعفة والجمال ، والسن ، والعقل ، واليسار ، والبكارة ، والعلم والفصاحة والصراحة ، وهي شرف الأبوين . ومتى اختصت بفضل أو نقص ، ليس في النسوة المعتبرات مثله ، زيد أو نقص بقدر ما يليق به ، كما في نظيره إذا كان الجنين سليما ، والأم ناقصة ويعتبر غالب عادة النساء ، فلو سامحت واحدة لم يجب موافقتها ، إلا أن يكون لنقص دخل في النسب ، وفترة الرغبات ولو خفضن للعشيرة دون غيرهم أو عكسه اعتبر ذلك .

                هذا ما في الروضة وأصلها وفيه أمور ينبه عليها منها : أن الأصحاب استدلوا على اعتبار نساء العصبة بقوله " مهر نسائها " ; لأن إطلاق هذا اللفظ ينصرف إليهن [ ص: 366 ] ونازع فيه صاحب الذخائر : بأن النساء من الجانبين نساؤها . قال : بل نقول هو عام فيها ، وخص بالمعنى ; لأن مهر المثل قيمة البضع ، وتعرف قيمة الشيء بالنظر إلى أمثاله ، وأمثالها نساء عشيرتها المساويات لها في نسبها ; لأن النسب معتبر في النكاح .

                والغالب : أنه إذا ثبت مقدار في عشيرة ، جرت أنكحتهم عليه أن من لا ينتمي إلى نسبها ، لا يساويها فيه .

                ومنها : أن مقتضى ما تقدم ، الانتقال بعد بنات الأخ إلى العمات ، ولا تعتبر بنات بني الأخ ، وليس كذلك ، بل المراد تقديم جهة الأخوة على جهة العمومة كما صرح به الماوردي ومنها : المراد بالأرحام هنا قرابات الأم لا المذكورون في الفرائض ; لأن الجدة أم الأم ليست منهن قطعا .

                ومنها : أن الماوردي وسط بين نساء العصبة والأرحام بالأم والجدة ومنها : اعتبر ابن الصباغ مع ذلك كونهن من أهل بلدها ، وحكاه الماوردي عن النص ; لأنه قيمة متلف ، فيعتبر محل الإتلاف والذي في الروضة - وأصلها : اعتبار ذلك إذا كان لها أقارب في بلدها وأقارب في غيرها ، فإن لم يكن في بلدها أقارب ، قدم أقارب غير بلدها ، على أجانب بلدها ومنها : يعتبر حال الزوج أو الواطئ أيضا ، من اليسار والعلم والعفة والنسب صرح به صاحب الكافي وغيره ومنها : ذكر ابن الرفعة أن المعتبر من الأقارب ثلاث ، وتوقف فيما إذا لم يكن إلا واحدة أو ثنتان .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية