الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1605 [ ص: 36 ] ( 4 ) باب دية الخطأ في القتل .

                                                                                                                        1584 - مالك ، عن ابن شهاب ، عن عراك بن مالك وسليمان بن يسار ، أن رجلا من بني سعد بن ليث أجرى فرسا فوطئ على إصبع رجل من جهينة ، فنزي منها فمات ، فقال عمر بن الخطاب للذي ادعي عليهم : أتحلفون بالله خمسين يمينا ما مات منها ؟ فأبوا وتحرجوا ، وقال للآخرين : أتحلفون أنتم ؟ فأبوا ، فقضى عمر بن الخطاب بشطر الدية على السعديين . قال مالك : وليس العمل على هذا .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        36744 - قال أبو عمر : إنما قال مالك ، في هذا الحديث : إن العمل ليس عنده عليه ، لأن فيه تبدئة المدعي عليه بالدم بالأيمان ، وذلك خلاف السنة التي رواها وذكرها في كتابه " الموطأ " في الحادثين من الأنصار المدعين على يهود خيبر قتل وليهم ، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدأ المدعين الحادثين بالأيمان في ذلك ، وسنبين اختلاف الآثار ، واختلاف علماء الأمصار ، فيمن يبدأ بالقسامة بالأيمان ، في كتاب القسامة ، مع سائر أحكام القسامة ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                        36745 - وفي حديث عمر أيضا ، أنه قضى بشطر الدية على السعديين ، وذلك أيضا خلاف السنة المذكورة في حديث الحارثيين ، لأنه لم يقض فيها رسول الله [ ص: 37 ] - صلى الله عليه وسلم - على أحد بشيء ، إذ أبى المدعون والمدعى عليهم من الأيمان ، وتبرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدية كلها من قبل نفسه ، لئلا يكون ذلك الدم باطلا ، والله أعلم .

                                                                                                                        36746 - وفي قوله تعالى : ( ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله ) [ النساء : 92 ] ما يغني عن حديث عمر وغيره .

                                                                                                                        36747 - وأجمع العلماء ، أن دية الخطأ في النفس ، حكم بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عاقلة القاتل مائة من الإبل ، وجعلها عمر على أهل الذهب والورق ، كما تقدم ذكره عنه من اختلاف الرواية .

                                                                                                                        36748 - ولم يختلف أنها على العاقلة في ثلاث سنين .

                                                                                                                        36749 - واختلفوا في أسنان الإبل فيها ، على ما نورده في هذا الباب ، إن شاء الله عز وجل .




                                                                                                                        الخدمات العلمية