الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [6] وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين .

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا حشر الناس أي: جمعوا يوم القيامة لموقف الحساب: كانوا أي: آلهتهم: لهم أعداء أي: لتبرئهم منهم. قال الشهاب : " أعداء " استعارة، أو مجاز مرسل للضار وكانوا بعبادتهم كافرين قال ابن جرير : أي: وكانت آلهتهم التي يعبدونها في الدنيا، بعبادتهم جاحدين؛ لأنهم يقولون يوم القيامة: ما أمرناهم بعبادتنا، ولا شعرنا بعبادتهم إيانا، تبرأنا إليك منهم، يا ربنا! أي: فالتكذيب بلسان المقال، قصدا إلى بيان أن معبودهم في الحقيقة الشياطين، وأهواؤهم. وقال القاشاني : كانوا أعداء، لأن عبادة أهل الدنيا لسادتهم وخدمتهم إياهم، لا تكون إلا لغرض نفساني. وكذا استعباد الموالي لخدمهم، فإذا ارتفعت الأغراض، وزالت العلل والأسباب، كانوا لهم أعداء، وأنكروا عبادتهم، ويقولن: ما خدمتمونا، ولكن خدمتم أنفسكم. كما قيل في تفسير قوله: الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: الضمير في: " كانوا " في الموضعين، للعابدين، لئلا يلزم التفكيك. وفيه نظر: لأنه اختلاف المتبادر من السياق؛ إذ هو لبيان حال الآلهة معهم، لا عكسه، ولأن كفرهم [ ص: 5340 ] حينئذ إنكار لعبادتهم. وتسميته كفرا، خلاف الظاهر أيضا. وقد أوضح ذلك آية: واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا والقرآن يفسر بعضه بعضا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية