الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4071 ) مسألة ; قال : ( وإن كانت دار بين ثلاثة لأحدهم نصفها ، وللآخر ثلثها ، وللآخر سدسها ، فباع أحدهم ، كانت الشفعة بين النفسين على قدر سهامهما ) الصحيح في المذهب أن الشقص المشفوع إذا أخذه الشفعاء ، قسم بينهم على قدر أملاكهم . اختاره أبو بكر .

                                                                                                                                            وروي ذلك عن الحسن ، وابن سيرين ، وعطاء . وبه قال مالك ، وسوار ، والعنبري ، وإسحاق ، وأبو عبيد . وهو أحد قولي الشافعي . وعن أحمد ، رواية ثانية ، أنه يقسم بينهم على عدد رءوسهم . اختارها ابن عقيل .

                                                                                                                                            وروي ذلك عن النخعي ، والشعبي . وبه قال ابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ، والثوري ، وأصحاب الرأي ; لأن كل واحد منهم لو انفرد لاستحق الجميع ، فإذا اجتمعوا تساووا ، كالبنين في الميراث ، وكالمعتقين في سراية العتق .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه حق يستفاد بسبب الملك ، فكان على قدر الأملاك ، كالغلة ، ودليلهم ينتقض بالابن والأب أو الجد ، [ ص: 210 ] وبالجد مع الإخوة وبالفرسان مع الرجالة في الغنيمة ، وأصحاب الديون والوصايا ، إذا نقص ماله عن دين أحدهم ، أو الثلث عن وصية أحدهم .

                                                                                                                                            وفارق الأعيان ; لأنه إتلاف ، والإتلاف يستوي فيه القليل والكثير ، كالنجاسة تلقى في مائع . وأما البنون ، فإنهم تساووا في التسبب ، وهو البنوة ، فتساووا في الإرث بها ، فنظيره في مسألتنا تساوي الشفعاء في سهامهم ، فعلى هذا ننظر مخرج سهام الشركاء كلهم ، فنأخذ منها سهام الشفعاء ، فإذا علمت عدتها ، قسمت السهم المشفوع عليها ، ويصير العقار بين الشفعاء على تلك العدة ، كما يفعل في مسائل الرد سواء ، ففي هذه المسألة التي ذكر الخرقي ، مخرج سهام الشركاء ستة ، فإن باع صاحب النصف ، فسهام الشفعاء ثلاثة ، لصاحب الثلث سهمان ، وللآخر سهم فالشفعة بينهم على ثلاثة ، ويصير العقار بينهم أثلاثا ، لصاحب الثلث ثلثاه ، وللآخر ثلثه ، وإن باع صاحب الثلث ، كانت بين الآخرين أرباعا ، لصاحب النصف ثلاثة أرباعه ، وللآخر ربعه ، وإن باع صاحب السدس ، كانت بين الآخرين أخماسا ، لصاحب النصف ثلاثة أخماسه ، وللآخر خمساه .

                                                                                                                                            وعلى الرواية الأخرى ، يقسم الشقص المشفوع بين الآخرين نصفين على كل حال ، فإن باع صاحب النصف ، قسم النصف بين شريكيه ، لكل واحد الربع ، فيصير لصاحب الثلث ثلث وربع ، وللآخر ربع وسدس ، وإن باع صاحب الثلث ، صار لصاحب النصف الثلثان ، وللآخر الثلث ، وإن باع صاحب السدس ، فلصاحب النصف ثلث وربع ، ولصاحب الثلث ربع وسدس . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية