الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( فائدة ) : من ادعى عليه الحق مسندا إلى سبب كالبيع والإجارة والنكاح والجناية الموجبة للقصاص والحد والتعزير فنفاه أو نفى سببه قبل [ ص: 32 ] منه ، وليس للحاكم إلزامه بنفي سببه ; لأن الأسباب قد تتحقق ويسقط حقوقها ومواجبها بعد ثبوتها ، فلا يلزمه أن يحلف ما باع لاحتمال أن يتحقق البيع ثم تقع الإقالة بعده ، أو الفسخ أو الإبراء من الثمن ، فلو كلف أن يحلف على نفي البيع لتضرر ، فإنه إن صدق ألزم بموجب البيع ، وإن كذب فقد حلف بالله كاذبا كذبا لا تدعوا الحاجة إليه ، إذ له عنه مندوحة بنفي الاستحقاق الذي هو مقصود الخصم .

وكذلك الإجارة قد يتعقبها من الفسخ ، أو الإبراء ، أو الإقالة ما يقطع استحقاقها ، وكذلك النكاح قد يرتفع بالإبانة والفسوخ ، فلو اعترف به لألزم بحكمه وموجبه ، وفيه إضرار به ، وكذلك الجناية الموجبة للقصاص والحد والتعزير قد يقع بعدها عفو أو صلح يسقط موجبها ، فإذا حلف على نفي الاستحقاق فقد نفى المقصود بالدعوى وسلم من هذه المؤاخذات ، ولو ألزم الحلف على نفي السبب مع تحققه لحملناه على الحلف كاذبا مع أن كذبه غير محتاج إليه ، وإن أقر بالسبب خوفا من الكذب تضرر بإلزامه حقا قد سقط ، فكان الجمع بين حقه في ذلك ، وبين حق الخصم في الإجابة لنفي الحق دفعا بين حقيهما من غير تعريض واحد منهما لضرر دينه أو حقه ، ولا يخفى ما في هذا من الإنصاف الذي يبنى القضاء على أمثاله .

التالي السابق


الخدمات العلمية