الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 383 ] 621

ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وستمائة

ذكر عود طائفة من التتر إلى الري وهمذان وغيرهما

أول هذه السنة وصل طائفة من التتر من عند ملكهم جنكزخان ، وهؤلاء غير الطائفة الغربية التي ذكرنا أخبارها قبل وصول هؤلاء الري ; وكان من سلم من أهلها قد عادوا إليها وعمروها ، فلم يشعروا بالتتر إلا وقد وصلوا إليهم ، فلم يمتنعوا عنهم ، فوضعوا في أهلها السيف وقتلوهم كيف شاءوا ، ونهبوا البلد وخربوه ، وساروا إلى ساوة ، ففعلوا بها كذلك ثم إلى قم وقاشان ، وكانتا قد سلمتا من التتر أولا ، فإنهم لم يقربوهما ، ولا أصاب أهلهما أذى ، فأتاهما هؤلاء وملكوهما ، وقتلوا أهلهما ، وخربوهما ، وألحقوهما بغيرهما من البلاد الخراب .

ثم ساروا في البلاد يخربون ويقتلون وينهبون ، ثم قصدوا همذان ، وكان قد اجتمع بها كثير ممن سلم من أهلها ، فأبادوهم قتلا وأسرا ونهبا ، وخربوا البلد .

وكانوا لما وصلوا إلى الري رأوا بها عسكرا كثيرا من الخوارزمية ، فكبسوهم وقتلوا منهم ، وانهزم الباقون إلى أذربيجان ، فنزلوا بأطرافها ، فلم يشعروا إلا والتتر أيضا قد كبسوهم ووضعوا السيف فيهم ، فولوا منهزمين ، فوصل طائفة منهم إلى تبريز وأرسلوا إلى صاحبها أوزبك بن البهلوان يقولون : إن كنت موافقنا فسلم إلينا من عندك من الخوارزمية ، وإلا فعرفنا أنك غير موافق لنا ، ولا في طاعتنا فعمد إلى من عنده من الخوارزمية ، فقتل بعضهم وأسر بعضهم ، وحمل الأسرى والرءوس إلى التتر ، وأنفذ معها من الأموال والثياب والدواب شيئا كثيرا ، فعادوا عن بلاده نحو [ ص: 384 ] خراسان ، فعلوا هذا وليسوا في كثرة ، كانوا نحو ستة آلاف فارس ، وكان الخوارزمية الذين انهزموا منهم نحو ستة آلاف راجل ، وعسكر أوزبك أكثر من الجميع ، ومع هذا فلم يحدث نفسه ولا الخوارزمية بالامتناع منهم .

نسأل الله أن ييسر للإسلام والمسلمين من يقوم بنصرتهم ، فقد دفعوا إلى أمر عظيم من قتل النفوس ، ونهب الأموال ، واسترقاق الأولاد ، وسبي الحريم وقتلهن ، وتخريب البلاد .

التالي السابق


الخدمات العلمية