الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله

عطف على جملة قل إن كان للرحمن ولد والجملتان اللتان بينهما اعتراضان ، قصد من العطف إفادة نفي الشريك في الإلهية مطلقا بعد نفي الشريك فيها بالبنوة ، وقصد بذكر السماء والأرض الإحاطة بعوالم التدبير والخلق لأن المشركين جعلوا لله شركاء في الأرض وهم أصنامهم المنصوبة ، وجعلوا له شركاء في السماء وهم الملائكة إذ جعلوهم بنات لله تعالى ؛ فكان قوله في السماء إله وفي الأرض إله إبطالا للفريقين مما زعمت إلهيتهم .

وكان مقتضى الظاهر بهذه الجملة أن يكون أولها الذي في السماء إله على أنه وصف للرحمن من قوله إن كان للرحمن ولد ، فعدل عن مقتضى الظاهر بإيراد الجملة معطوفة لتكون مستقلة غير صفة ، وبإيراد مبتدأ فيها لإفادة قصر صفة الإلهية في السماء وفي الأرض على الله تعالى لا يشاركه في ذلك غيره ، لأن إيراد المسند إليه معرفة والمسند معرفة طريق من طرق القصر . فالمعنى وهو لا غيره الذي في السماء إله وفي الأرض إله ، وصلة " الذي " جملة اسمية حذف صدرها ، وصدرها ضمير يعود إلى معاد ضمير " وهو " وحذف صدر الصلة استعمال حسن إذا طالت الصلة كما هنا . والتقدير الذي هو في السماء إله .

[ ص: 268 ] والمجروران يتعلقان بـ " إله " باعتبار ما يتضمنه من معنى المعبود لأنه مشتق من أله ، إذا عبد فشابه المشتق . وصح تعلق المجرور به فتعلقه بلفظ إله كتعلق الظرف بغربال وأقوى من تعلق المجرور بكانون في قول الحطيئة يهجو أمه من أبيات :


أغربالا إذا استودعت سرا وكانونا على المتحدثينا



التالي السابق


الخدمات العلمية