الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 109 ] كتاب اللقيط [ ص: 110 ] اللقيط سمي به باعتبار مآله لما أنه يلقط . والالتقاط مندوب إليه لما فيه من إحيائه ، وإن غلب على ظنه ضياعه فواجب . قال ( اللقيط حر ) ; لأن الأصل في بني آدم إنما هو الحرية ، وكذا الدار دار الأحرار ; ولأن الحكم للغالب

التالي السابق


كتاب اللقيط أعقب اللقيط واللقطة الجهاد لما فيه من كون النفوس والأموال تصير عرضة للفوات وقدم اللقيط على [ ص: 110 ] اللقطة لتعلقه بالنفس والمتعلق به مقدم على المتعلق بالمال . واللقيط لغة : ما يلقط : أي يرفع من الأرض ، فعيل بمعنى مفعول ، سمي به الولد المطروح خوفا من العيلة أو من تهمة الزنا به باعتبار مآله إليه ; لأنه آيل إلى أن يلتقط في العادة كالقتيل في قوله صلى الله عليه وسلم { من قتل قتيلا فله سلبه } ( والالتقاط مندوب إليه لما فيه من إحياء نفس مسلمة ) إذا لم يغلب على الظن ضياعه ( فإن غلب على ظنه ضياعه كان واجبا ) وقول الشافعي وباقي الأئمة الثلاثة فرض كفاية ، إلا إذا خاف هلاكه ففرض عين يحتاج إلى دليل الوجوب قبل الخوف . نعم إذا غلب على الظن ضياعه أو هلاكه فكما قالوا ، وهو المراد بالوجوب الذي ذكرناه لا الوجوب باصطلاحنا ; لأن هذا الحكم وهو إلزام التقاطه إذا خيف هلاكه مجمع عليه ، والثابت إلزامه بقطعي فرض ( قوله : اللقيط حر ولو كان الملتقط عبدا ) أي في جميع أحكامه حتى يحد قاذفه ، والجناية عليه كالجناية على الأحرار ، ولا يحد قاذف أمه ; لأنا لا نعلم حريتها ، ولا يقام الحد مع احتمال السقوط ، وإنما حكم الشرع فيه بالحرية ( لأن الأصل في بني آدم الحرية ) ; لأنهم أولاد خيار المسلمين آدم وحواء ، وإنما عرض الرق بعروض الكفر لبعضهم ، فما لم يتيقن بالعارض لا يحكم به ( وكذا الدار دار الأحرار ، ولأن الحكم الغالب ) والغالب في جميع أقطار الدنيا الأحرار .




الخدمات العلمية