الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1612 [ ص: 116 ] ( 10 ) باب ما جاء في عقل الشجاج . 1599 - مالك ، عن يحيى بن سعيد ، أنه سمع سليمان بن يسار [ ص: 117 ] [ ص: 118 ] يذكر : أن الموضحة في الوجه مثل الموضحة في الرأس ، إلا أن تعيب الوجه فيزاد في عقلها ، ما بينها وبين عقل نصف الموضحة في الرأس .

                                                                                                                        [ ص: 119 ] فيكون فيها خمسة وسبعون دينارا .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        37206 - قال أبو عمر : روي هذا الخبر عن يحيى بن سعيد ، كما رواه مالك سواء .

                                                                                                                        37207 - عبد الملك بن جريج ، ويحيى بن سعيد القطان ، وجمهور العلماء ، على أن الموضحة لا تكون إلا في الوجه والرأس دون الجسد .

                                                                                                                        37208 - وهو قول مالك ، وأبي حنيفة ، والشافعي ، وأصحابهم ، إلا أن مالكا قال : لا تكون الموضحة إلا في حجبة الرأس ، والجبهة ، والخدين ، واللحي الأعلى ، ولا تكون في اللحي الأسفل ، لأنه في حكم العنق ، ولا في الأنف ، لأنه عظم منفرد .

                                                                                                                        37209 - وأما الشافعي ، والكوفيون ، فالموضحة عندهم في جميع الوجه ، والرأس .

                                                                                                                        37210 - والأنف عندهم من الوجه .

                                                                                                                        37211 - وكذلك اللحي الأسفل من الرأس .

                                                                                                                        37212 - وذكروا من قول ابن عمر : ما فوق الذقن من الرأس ، ولا [ ص: 120 ] يخمره المحرم .

                                                                                                                        37213 - وقالوا : أراد بقوله الذقن وما فوقه ، كما قال الله عز وجل : ( فاضربوا فوق الأعناق ) [ الأنفال : 12 ] .

                                                                                                                        37214 - ومعنى الموضحة عند جماعة العلماء ، ما أوضح العظم من الشجاج ، فإذا ظهر من العظم شيء ، قال أو كثر ، فهي موضحة .

                                                                                                                        37215 - وقال الليث بن سعد ، وطائفة : تكون الموضحة ، في الجسد ، فإذا كشفت عن العظم ، ففيها أرشها .

                                                                                                                        37216 - وقال الأوزاعي : الموضحة في الوجه والرأس سواء ، وجراحات الجسد على النصف من ذلك .

                                                                                                                        370217 - قال أبو عمر : جعل الليث جراحة الجسد إذا وضحت عن العظم كموضحة الرأس .

                                                                                                                        37218 - وجعل الأوزاعي موضحة الجسد مؤقتة أيضا بنصف أرش موضحة الرأس .

                                                                                                                        37219 - واتفق مالك ، والشافعي ، وأصحابهما أن جراح الجسد ، ليس فيها شيء مؤقت جاءت به السنة ، وإنما في ذلك الاجتهاد في الحكومة .

                                                                                                                        37220 - وروي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه جعل في موضحة الجسد نصف دية العضو الذي تقع فيه الموضحة ، فإن كانت في الأصبع ، فيها [ ص: 121 ] نصف عشر دية الأصبع ، وكذلك لو كانت في اليد ، أو في الرجل .

                                                                                                                        37221 - قال أبو عمر : الموضحة في الوجه والرأس مجتمع عليها ، [ يشهد ] الكافة من العلماء ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقت فيها نصف عشر الدية ، وأجمعوا على ذلك .

                                                                                                                        37222 - وروي من نقل الآحاد العدول مثله .

                                                                                                                        37223 - وإنما اختلفوا في موضحة الجسد ، وما ذكرنا عن مالك ، في موضحة الأنف واللحي الأسفل .

                                                                                                                        37224 - حدثني سعيد بن نصر ، قال : حدثني قاسم بن أصبغ ، قال : حدثني محمد بن وضاح ، قال حدثني أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثني يزيد بن هارون ، قال : حدثني حسين المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " في الموضحة خمس " ، يعني من الإبل ، وعلى أهل الذهب خمسون دينارا ، وعلى أهل الورق نصف عشر الدية .

                                                                                                                        37225 - وقد ذكرنا اختلاف أهل الحجاز ، وأهل العراق ، في مبلغ الدية من الورق فيما تقدم .

                                                                                                                        [ ص: 122 ] 37226 - قال أبو عمر : يقولون : إن جراحات الجسد لا تسمى شجاجا ، وإنما يقال لها : جراح ، وأن ما في الرأس ، والوجه ، يقال لها : شجة . ولا يقال لها : جراحة .

                                                                                                                        37227 - وأما قول سليمان بن يسار : " إلا أن تغيب الموضحة في الوجه ، فيزاد في عقلها ما بينها وبين نصف عقل الموضحة في الرأس ، فيكون فيها خمسة وسبعون دينارا .

                                                                                                                        37228 - فذكر ابن حبيب ، في تفسير " الموطأ " قال : اختلف قول مالك ، في موضحة الوجه ، تبرأ على شيئين ، فمرة قال بقول سلمان بن يسار ، ومرة قال : لا يزاد فيها على عقلها ، وإن برئت على شيئين .

                                                                                                                        37229 - واختاره ابن حبيب .

                                                                                                                        37230 - قال أبو عمر : وقد روي عن مالك ، أنه يجتهد في شينها للوجه ، ويحكم في ذلك بغير توقيت .

                                                                                                                        37231 - وقال الشافعي : لا يزاد في الموضحة على أرشها المسنون ، شانت الوجه أولم تشنه ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرض أرشها ، ولم يفرق - عليه السلام - بين ما يشين ، وما لا يشين .




                                                                                                                        الخدمات العلمية