الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 189 ] قالوا حديث يكذبه النظر والعيان والخبر والقرآن .

        18 - موضع الجنة .

        قالوا : رويتم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : منبري هذا على ترعة من ترع الجنة و ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة والله - عز وجل - يقول عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ويقول تعالى وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ورويتم في غير حديث أن الجنة في السماء السابعة ، قالوا : وهذا اختلاف وتناقض .

        قال أبو محمد : ونحن نقول إنه ليس هاهنا اختلاف ولا تناقض فإنه لم يرد بقوله ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة أن ذلك بعينه روضة وإنما أراد أن الصلاة في هذا الموضع والذكر فيه يؤدي إلى الجنة فهو قطعة منها ، ومنبري هذا هو على ترعة من ترع الجنة والترعة باب مشرعة إلى الماء أي إنما هو باب إلى الجنة [ ص: 190 ] قال أبو محمد : وحدثنا أبو الخطاب قال حدثنا بشر بن المفضل قال حدثنا عمر بن عبد الله مولى غفرة عن أيوب بن خالد الأنصاري قال قال جابر بن عبد الله الأنصاري : خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ارتعوا في رياض الجنة ، قالوا : وأين رياض الجنة يا رسول الله ؟ قال مجالس الذكر وهذا كما قال في حديث آخر : عائد المريض على مخارف الجنة والمخارف : الطرق ، وأحدها مخرفة . ومنه قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : تركتكم على مثل مخرفة النعم ، أي طريقها .

        وإنما أراد أن عيادة المريض تؤدي إلى الجنة ، فكأنه طريق إليها ، وكذلك مجالس الذكر تؤدي إلى رياض الجنة فهي منها ، وكذلك قول عمار بن ياسر : الجنة تحت البارقة ، يعني السيوف و الجنة تحت ظلال السيوف يريد أن الجهاد يؤدي إلى الجنة ، فكأن الجنة تحته ، وقد يذهب قوم إلى أن ما بين قبره ومنبره حذاء روضة من رياض الجنة ، وأن منبره حذاء ترعة من ترع الجنة ، فجعلهما من الجنة إذا كانا في الأرض حذاء ذينك في السماء ، والأول أحسن عندي ، والله أعلم .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية