الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 55 ] ( فصل في الغسل ) [ ص: 56 ] ( فصل في الغسل )

( وفرض الغسل المضمضة والاستنشاق وغسل سائر البدن ) وعند الشافعي رحمه الله هما سنتان فيه لقوله [ ص: 57 ] عليه الصلاة والسلام { عشر من الفطرة } أي من السنة وذكر منها المضمضة والاستنشاق ولهذا كانا سنتين في الوضوء ولنا قوله تعالى { وإن كنتم جنبا فاطهروا } وهو أمر بتطهير جميع البدن ، إلا أن ما يتعذر إيصال الماء إليه خارج عن النص بخلاف الوضوء لأن الواجب فيه غسل الوجه والمواجهة فيهما منعدمة ، والمراد بما روي حالة الحدث بدليل قوله عليه الصلاة والسلام { إنهما فرضان في الجنابة سنتان في الوضوء } .

التالي السابق


( فصل في الغسل )

( قوله المضمضة إلخ ) ولو شرب الماء عبا أجزأ عنها لا مصا . وعن أبي يوسف لا إلا أن يمجه ، ولو كان سنه مجوفا أو بين أسنانه طعام أو درن رطب يجزئه لأن الماء لطيف يصل إلى كل موضع غالبا ، كذا في التجنيس ثم قال : ذكر الصدر الشهيد حسام الدين في موضع آخر : إذا كان في أسنانه كوات يبقى فيها الطعام لا يجزئه ما لم يخرجه ويجري الماء عليها .

وفي فتاوى الفضلي والفقيه أبي الليث خلاف هذا ، فالاحتياط أن يفعل انتهى . والدرن اليابس في الأنف كالخبز الممضوغ والعجين يمنع ، ولا يضر ما انتضح من غسله في إنائه ، بخلاف ما لو قطر كله في الإناء . ويجوز نقل البلة في الغسل من عضو إلى عضو إذا كان يتقاطر بخلاف الوضوء ، ويجوز للجنب أن يذكر الله تعالى ويأكل ويشرب إذا تمضمض ويعاود أهله قبل أن يغتسل ، قال في المبتغى : إلا إذا احتلم فإنه لا يأت أهله ما لم يغتسل ( قوله وغسل سائر البدن ) فيجب تحريك القرط والخاتم الضيقين ، ولو لم يكن [ ص: 57 ] قرط فدخل الماء الثقب عند مروره أجزأ كالسرة وإلا أدخله ، ويدخله القلفة استحبابا ، وفي النوازل لا يجزئه تركه ، والأصح الأول للحرج لا لكونه خلقة ، وتغسل فرجها الخارج لأنه كالفم ، ولا يجب إدخالها الأصبع في قبلها وبه يفتى .

ودرن الأظفار على الخلاف السابق في الوضوء ، ولا يجب الدلك إلا في رواية عن أبي يوسف ، وكان وجهه خصوص صيغة اطهروا ، فإن ( فعل ) للمبالغة وهو أصله وذلك بالدلك ( قوله عشر من الفطرة ) روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر من الفطرة قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص الأظفار ، وغسل البراجم ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وانتفاض الماء } قال مصعب بن شيبة : ونسيت العاشرة ، إلا أن تكون المضمضة . وانتفاض الماء : الاستنجاء . ورواه أبو داود من رواية عمار ، وذكر الختان بدل إعفاء اللحية ، وذكر الانتضاح بدل انتفاض الماء ( قوله ولنا قوله تعالى { وإن كنتم جنبا فاطهروا } وهو أمر بتطهير جميع البدن ) لأنه أضاف التطهير إلى مسمى الواو وهو جملة بدن كل مكلف فيدخل كل ما يمكن الإيصال إليه إلا ما فيه حرج وهو المراد بقوله يتعذر ، وذلك كداخل العينين والقلفة بالنافي للحرج ولا حرج في داخل الفم والأنف فشملهما نص الكتاب من غير معارض كما شملهما قوله صلى الله عليه وسلم { تحت كل شعرة جنابة ، فبلوا الشعر وأنقوا البشرة } . رواه أبو داود والترمذي من غير معارض ، إذ كونهما من الفطرة لا ينفي الوجوب لأنها الدين وهو أعم منه فلا يعارضه قال صلى الله عليه وسلم { كل مولود يولد على الفطرة } والمراد على الواجبات على ما هو أعلى الأقوال ، وعلى هذا لا حاجة إلى حمل المروي على حالة الحدث بدليل قوله صلى الله عليه وسلم { إنهما فرضان في الجنابة سنتان في الوضوء } كأنه يعني ما عن أبي هريرة { أنه صلى الله عليه وسلم جعل المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثا فريضة } ، لكن انعقد الإجماع على خروج اثنتين منهما وهو ضعيف




الخدمات العلمية