الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ومن يتبدل الكفر بالإيمان )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : ( ومن يتبدل ) ، ومن يستبدل "الكفر" ، ويعني ب "الكفر" ، الجحود بالله وبآياته ، ( بالإيمان ) ، يعني بالتصديق بالله وبآياته والإقرار به .

وقد قيل : عنى ب "الكفر" في هذا الموضع : الشدة ، وب "الإيمان" الرخاء . ولا أعرف الشدة في معاني "الكفر" ، ولا الرخاء في معنى "الإيمان" ، إلا أن يكون قائل ذلك أراد بتأويله "الكفر" بمعنى الشدة في هذا الموضع ، وبتأويله "الإيمان" في معنى الرخاء - : ما أعد الله للكفار في الآخرة من الشدائد ، وما أعد الله لأهل [ ص: 495 ] الإيمان فيها من النعيم ، فيكون ذلك وجها ، وإن كان بعيدا من المفهوم بظاهر الخطاب .

ذكر من قال ذلك :

1784 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن أبي العالية : ( ومن يتبدل الكفر بالإيمان ) ، يقول : يتبدل الشدة بالرخاء .

1785 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسن قال : حدثني حجاج ، عن ابن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية بمثله .

وفي قوله : ( ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل ) ، دليل واضح على ما قلنا : من أن هذه الآيات من قوله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا ) ، خطاب من الله جل ثناؤه المؤمنين به من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعتاب منه لهم على أمر سلف منهم ، مما سر به اليهود ، وكرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ، فكرهه الله لهم ، فعاتبهم على ذلك ، وأعلمهم أن اليهود أهل غش لهم وحسد وبغي ، وأنهم يتمنون لهم المكاره ، ويبغونهم الغوائل ، ونهاهم أن ينتصحوهم ، وأخبرهم أن من ارتد منهم عن دينه فاستبدل بإيمانه كفرا ، فقد أخطأ قصد السبيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية