الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والبيع على بيع غيره قبل لزومه ) لبقاء خيار المجلس أو الشرط وكذا بعده وقد اطلع على عيب واغتفر التأخير لنحو ليل ( بأن يأمر المشتري ) وإن كان مغبونا والنصيحة الواجبة تحصل بالتعريف من غير بيع ( بالفسخ ليبيعه مثله ) أو أجود منه بمثل الثمن أو أقل أو يعرضه عليه بذلك وإن لم يأمره بفسخ بل قال الماوردي يحرم أن يطلب السلعة من المشتري بأكثر والبائع حاضر قبل اللزوم لأدائه إلى الفسخ أو الندم ( والشراء على الشراء بأن يأمر البائع ) قبل اللزوم ( بالفسخ ليشتريه ) بأكثر من ثمنه للنهي الصحيح عنهما والكلام [ ص: 315 ] حيث لم يأذن من يلحقه الضرر لأن الحق له وسواء في حرمة ما ذكر كالنجش الآتي بلغ المبيع قيمته أو نقص عنها على المعتمد نعم تعريف المغبون بغبنه لا محذور النصيحة فيه لأنه من الواجبة ويظهر أن محله في غبن نشأ عن نحو غش البائع لإثمه حينئذ فلم يبال بإضراره بخلاف ما إذا نشأ لا عن تقصير منه لأن الفسخ ضرر عليه والضرر لا يزال بالضرر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : بمثل الثمن أو أقل ) إن كان نشرا غير مرتب فواضح وكذا إن رجع الثاني لكل منهما وإلا فمشكل مخالف لعبارتهم . ( قوله : أو الندم ) قد يقال اعتبار ذلك يقتضي عدم التقييد بقبل اللزوم إلا أن يقال العلة الأداء إلى أحد

                                                                                                                              [ ص: 315 ] الأمرين وذلك لا يتأتى بعد اللزوم ( قوله : حيث لم يأذن من يلحقه الضرر ) عبارة شرح الروض إلا إن أذن له البائع في الأول والمشتري في الثاني هذا إن كان الآذن مالكا فإن كان وليا أو وصيا أو وكيلا أو نحوه فلا عبرة بإذنه إن كان فيه ضرر على المالك ذكره الأذرعي ا هـ المقصود نقله منها .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( والبيع على بيع غيره ) ومثل البيع غيره من بقية العقود كالإجارة والعارية ومن أنعم عليه بكتاب ليطالع فيه حرم على غيره أن يسأل صاحبه فيه لما فيه من الإيذاء برماوي وقوله : أن يسأل صاحبه فيه أي أن يطلبه من صاحبه ليطالع فيه هو أيضا ا هـ بجيرمي قول المتن ( قبل لزومه ) أي أما بعد لزومه فلا معنى له ا هـ نهاية قال ع ش قوله : م ر أما بعد لزومه إلخ ومثل ذلك الإجارة بعد عقدها فلا حرمة لعدم ثبوت الخيار فيها ولو إجارة ذمة على المعتمد وأما العارية فينبغي عدم حرمة طلبها من المعير سواء بعد عقدها أو قبله لأنه ليس ثم ما يحمل على حمله على الرجوع بعد العقد ولا على الامتناع منها قبله إلا مجرد السؤال وقد لا يجيبه إليه نعم لو جرت العادة بأن المستعير الثاني يرد مع العارية شيئا هدية أو كان بينه وبين المالك مودة مثلا تحمله على الرجوع احتمل الحرمة ا هـ والأقرب ما مر آنفا عن البرماوي من حرمة طلب العارية بعد عقدها مطلقا والله أعلم .

                                                                                                                              ( قوله : بمثل الثمن أو أقل ) إن كان نشر غير مرتب فواضح وكذا إن رجع الثاني وهو أو أقل لكل منهما وإلا فمشكل مخالف لعبارتهم انتهى سم على حج أي لاقتضائه أنه إذا قال له افسخ لا بيع مثله بمثل الثمن يحرم ولا وجه له ولا نظر إلى أنه قد يكون له غرض كتخلصه من يمين أو الرفق به لكونه صديقه مثلا لأن مثل هذا ليس مما يترتب على الزيادة في الثمن وعدمه ومفهومه أنه لو قال بأكثر لا يحرم ولعله غير مراد بل المدار على ما يحمل على الرد ا هـ ع ش وقوله : ولا نظر إلخ مع عدم إنتاج دليله الآتي له يرده ما مر منه عند قول الشارح لأشتريه منك بأكثر وقوله : هنا ولعله غير مراد بل المدار إلخ ( قوله : أو يعرضه عليه إلخ ) مثله ما لو أخرج متاعا من جنس ما يريد شراءه وقلبه على وجه يفهم منه المشتري أن هذا خير مما يريد شراءه ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : بل قال الماوردي إلخ ) الأنسب ذكره بعد قول المتن والشراء على الشراء إلخ كما فعل المغني عبارته وألحق الماوردي بالشراء على الشراء طلب السلعة من المشتري بزيادة ربح إلخ قال السيد عمر قد يقال ما الحكم فيما لو طلب شخص من البائع في زمن الخيار شيئا من جنس السلعة المبيعة بأكثر من الثمن الذي باع به لا سيما إن طلب منه مقدارا لا يكمل إلا بانضمام ما بيع منها وقياس كلام الماوردي التحريم لأنه يؤدي إلى فسخ أو الندم فليتأمل ا هـ ومر عن ع ش ما يفيده ( قوله : أو الندم ) قد يقال اعتبار ذلك يقتضي عدم التقييد بقبل اللزوم إلا أن يقال العلة الأداء إلى أحد الأمرين وذلك لا يتأتى بعد اللزوم ا هـ سم ( قوله : قبل اللزوم ) أي وكذا بعده وقد اطلع إلى آخر ما مر ( قوله : للنهي الصحيح عنهما ) أي البيع على البيع والشراء على الشراء وفيه تسامح عبارة النهاية والمغني لعموم خبر الصحيحين { لا يبع بعضكم على بيع بعض } زاد النسائي { حتى يبتاع أو يذر } و في معناه الشراء على الشراء والمعنى فيهما الإيذاء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : والكلام [ ص: 315 ] حيث إلخ ) عبارة المغني ثم محل التحريم عند عدم الإذن فلو أذن البائع في البيع على بيعه أو المشتري في الشراء على شرائه لم يحرم لأن الحق لهما وقد أسقطاه ولمفهوم الخبر السابق هذا كما قال الأذرعي إن كان الآذن مالكا فإن كان وليا أو وصيا أو وكيلا أو نحوه فلا عبرة بإذنه إن كان فيه ضرر على المالك ولا يشترط للتحريم تحقق ما وعد به من البيع والشراء لوجود الإيذاء بكل تقدير خلافا لابن النقيب في اشتراطه ا هـ وقوله : هذا كما قال إلى قوله ولا يشترط في سم عن شرح الروض مثله وقوله : ولا يشترط إلخ زاد النهاية عليه وموضع الجواز مع الإذن إذا دلت الحال على الرضا باطنا فإن دلت على عدمه وإنما أذن ضجرا وحنقا فلا قاله الأذرعي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويظهر أن محله إلخ ) محل تأمل فقد صرحوا بأنه إذا علم بالمبيع عيبا وجب إعلام المشتري به وهو صادق بما إذا كان البائع جاهلا به مع أنه لا تقصير منه حينئذ ولا فرق بينه وبين الغبن إذ الملحظ حصول الضرر فليتأمل وليراجع ا هـ سيد عمر عبارة ع ش قوله : م ر لا محذور فيه إلخ بل قضية التعليل وجوبه وإن نشأ الغبن من مجرد تقصير المغبون لعدم بحثه ويوافقه في هذه القضية قوله : السابق والنصيحة الواجبة تحصل بالتعريف من غير بيع فالأقرب ما اقتضاه كلام الشارح م ر من عدم اعتبار كون الغبن نشأ عن نحوه غش ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : والضرر إلخ ) قد يقال ليس ما ذكر منه بل من ارتكاب أخف المفسدتين فإن ضرر المغبون خسر محقق وضرر الغابن فوت ربح نعم يؤخذ من قولهم يكره غبن المسترسل أن تعريف المغبون لا يتجاوز الندب إلى الوجوب وإن اقتضاه تعليلهم بأنه من النصيحة الواجبة والمسترسل من لا يعرف القيمة ولو وجب نصحه لحرم غبنه ا هـ سيد عمر أقول في كل من الأخذ المذكور والملازمة بين وجوب النصح وحرمة الغبن نظر ظاهر وإنما كان يظهر ذلك لو اتحد الناصح والغابن وليس كذلك .




                                                                                                                              الخدمات العلمية