الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 335 ] سورة الأحزاب

مدنية، وآيها: ثلاث وسبعون آية، وحروفها: خمسة آلاف وسبع مئة وستة وتسعون حرفا، وكلمها ألف ومئتان وثمانون كلمة.

بسم الله الرحمن الرحيم

يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما .

[1] روي أن أبا سفيان بن حرب، وعكرمة بن أبي جهل ، وأبا الأعور بن سفيان السلمي قدموا المدينة، فنزلوا على عبد الله بن أبي رأس المنافقين بعد قتال أحد، وقد أعطاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمان على أن يكلموه، فقام عبد الله بن سعد بن أبي السرح، وطعمة بن أبيرق، ومعتب بن قشير ، وجد بن قيس ، فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وعنده عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ارفض ذكر آلهتنا اللات والعزى ومناة، وقل: إن لها شفاعة لمن عبدها، وندعك وربك، فشق على النبي - صلى الله عليه وسلم - قولهم، فقال عمر : يا رسول الله! ائذن لي في قتلهم، فقال: "إني قد أعطيتهم الأمان" ، فقال عمر : اخرجوا في لعنة الله وغضبه، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر أن يخرجهم من المدينة، فأنزل الله [ ص: 336 ] تعالى: يا أيها النبي ، ولم يقل: يا محمد; كـ: يا آدم، ويا موسى، ويا عيسى ; تشريفا له، وأما تصريحه باسمه في قوله: محمد رسول الله [الفتح: 29] فللإعلام أنه كذلك، وللتنبيه على اتباعه. قرأ نافع : (النبيء) و (النبيئون) و (النبيئين) و (نبيئهم) و (الأنبئاء) و (النبوءة) بالمد والهمز حيث وقع، فيكون معناه: المخبر; من أنبأ ينبئ; لأنه إنباء عن الله، وخالفه قالون في حرفين من هذه السورة يأتي ذكرهما إن شاء الله تعالى، وقرأ الباقون: بترك الهمزة وتشديد الياء ، وله وجهان: أحدهما: هو أيضا من الإنباء، تركت الهمزة فيه تخفيفا; لكثرة الاستعمال، والثاني: هو بمعنى الرفع، مأخوذ من النبوة، وهو المكان المرتفع.

اتق الله دم على التقوى.

ولا تطع الكافرين من أهل مكة; يعني: أبا سفيان، وعكرمة، وأبا الأعور.

والمنافقين من أهل المدينة: عبد الله بن أبي ، وعبد الله بن سعد ، وطعمة، فيما يخالف شريعتك، ويعود بوهن في الدين.

إن الله كان عليما بما يكون قبل كونه حكيما فيما يخلق، وهذا تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم -; أي: لا عليك منهم، ولا من إيمانهم، فالله عليم بما ينبغي لك، حكيم في هدى من يشاء، وإضلال من يشاء.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية