(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=96إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=97فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=98وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=96إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=97فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=98وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا )
اعلم أنه تعالى لما رد على أصناف الكفرة وبالغ في شرح أحوالهم في الدنيا والآخرة ختم السورة بذكر أحوال المؤمنين فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=96إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ) ، وللمفسرين في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=96ودا ) قولان :
القول الأول : وهو قول الجمهور أنه تعالى سيحدث لهم في القلوب مودة ويزرعها لهم فيها من غير تودد منهم ، ولا تعرض للأسباب التي يكتسب الناس بها مودات القلوب من قرابة أو صداقة أو اصطناع معروف أو غير ذلك ، وإنما هو اختراع منه تعالى ، وابتداء تخصيصا لأوليائه بهذه الكرامة كما قذف في قلوب أعدائهم الرعب والهيبة إعظاما لهم وإجلالا لمكانهم ، والسين في سيجعل إما لأن السورة مكية وكان المؤمنون حينئذ ممقوتين بين الكفرة ، فوعدهم الله تعالى ذلك إذا جاء الإسلام ، وإما أن يكون ذلك يوم القيامة يحببهم إلى خلقه بما يعرض من حسناتهم وينشر من ديوان أعمالهم ؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013180إذا أحب الله عبدا نادى جبريل : قد أحببت فلانا فأحبوه ؛ فينادي جبريل عليه السلام بذلك في السماء والأرض ، وإذا أبغض عبدا فمثل ذلك " .
وعن
كعب قال : مكتوب في التوراة والإنجيل
nindex.php?page=treesubj&link=19884_30516لا محبة لأحد في الأرض حتى يكون ابتداؤها من الله تعالى ينزلها على أهل السماء ثم على أهل الأرض ، وتصديق ذلك في القرآن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=96سيجعل لهم الرحمن ودا ) .
القول الثاني - وهو اختيار
أبي مسلم : معنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=96سيجعل لهم الرحمن ودا ) أي : يهب لهم ما يحبون والود والمحبة سواء ، يقال : آتيت فلانا محبته ، وجعل لهم ما يحبون ، وجعلت له وده ، ومن كلامهم : يود لو كان كذا ، ووددت أن لو كان كذا ، أي أحببت ، ومعناه : سيعطيهم الرحمن ودهم أي محبوبهم في الجنة .
والقول الأول أولى ؛ لأن حمل المحبة على المحبوب مجاز ، ولأنا ذكرنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية وفسرها بذلك ، فكان ذلك أولى ، وقال
أبو مسلم : بل القول الثاني أولى ؛ لوجوه :
[ ص: 219 ] أحدها : كيف يصح القول الأول مع علمنا بأن المسلم المتقي يبغضه الكفار ، وقد يبغضه كثير من المسلمين .
وثانيها : أن مثل هذه المحبة قد تحصل للكفار والفساق أكثر فكيف يمكن جعله إنعاما في حق المؤمنين ؟
وثالثها : أن محبتهم في قلوبهم من فعلهم ، لا أن الله تعالى فعله ، فكان حمل الآية على إعطاء المنافع الأخروية أولى .
والجواب عن الأول أن المراد : يجعل لهم الرحمن محبة عند الملائكة والأنبياء . وروي عنه عليه السلام أنه حكى عن ربه عز وجل أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013181إذا ذكرني عبدي المؤمن في نفسه ذكرته في نفسي ، وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ أطيب منهم وأفضل " . وهذا هو الجواب عن الكلام الثاني ؛ لأن الكافر والفاسق ليس كذلك .
والجواب عن الثالث أنه محمول على فعل الألطاف وخلق داعية إكرامه في قلوبهم . أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=97فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين ) فهو كلام مستأنف بين به عظيم موقع هذه السورة لما فيها من التوحيد والنبوة والحشر والنشر والرد على فرق المضلين المبطلين ، فبين تعالى أنه يسر ذلك بلسانه ليبشر به وينذر ، ولولا أنه تعالى نقل قصصهم إلى اللغة العربية لما تيسر ذلك على الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأما
nindex.php?page=treesubj&link=30177_32233أن القرآن يتضمن تبشير المتقين وإنذار من خرج منهم فبين ، لكنه تعالى لما ذكر أنه يبشر به المتقين ذكر في مقابلته من هو في مخالفة التقوى أبلغ ، وأبلغهم الألد الذي يتمسك بالباطل ويجادل فيه ويتشدد وهو معنى لدا .
ثم إنه تعالى ختم السورة بموعظة بليغة فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=98وكم أهلكنا قبلهم من قرن ) لأنهم إذا تأملوا وعلموا أنه لا بد من زوال الدنيا والانتهاء إلى الموت خافوا ذلك وخافوا أيضا سوء العاقبة في الآخرة ، فكانوا فيها إلى الحذر من المعاصي أقرب ، ثم أكد تعالى في ذلك فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=98هل تحس منهم من أحد ) لأن الرسول عليه السلام إذا لم يحس منهم أحدا برؤية أو إدراك أو وجدان ، ولا يسمع لهم ركزا- وهو الصوت الخفي ، ومنه ركز الرمح إذا غيب طرفه في الأرض والركاز المال المدفون - دل ذلك على انقراضهم وفنائهم بالكلية .
والأقرب في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=98أهلكنا ) أن المراد به الانقراض بالموت وإن كان من المفسرين من حمله على العذاب المعجل في الدنيا . والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا
محمد النبي الأمي ، وعلى آله وصحبه وسلم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=96إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=97فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=98وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=96إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=97فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=98وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا )
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا رَدَّ عَلَى أَصْنَافِ الْكَفَرَةِ وَبَالَغَ فِي شَرْحِ أَحْوَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ خَتَمَ السُّورَةَ بِذِكْرِ أَحْوَالِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=96إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ) ، وَلِلْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=96وُدًّا ) قَوْلَانِ :
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ : وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ تَعَالَى سَيُحْدِثُ لَهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوَدَّةً وَيَزْرَعُهَا لَهُمْ فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَوَدُّدٍ مِنْهُمْ ، وَلَا تَعَرُّضٍ لِلْأَسْبَابِ الَّتِي يَكْتَسِبُ النَّاسُ بِهَا مَوَدَّاتِ الْقُلُوبِ مِنْ قَرَابَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوِ اصْطِنَاعِ مَعْرُوفٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا هُوَ اخْتِرَاعٌ مِنْهُ تَعَالَى ، وَابْتِدَاءٌ تَخْصِيصًا لِأَوْلِيَائِهِ بِهَذِهِ الْكَرَامَةِ كَمَا قَذَفَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِهِمُ الرُّعْبَ وَالْهَيْبَةَ إِعْظَامًا لَهُمْ وَإِجْلَالًا لِمَكَانِهِمْ ، وَالسِّينُ فِي سَيَجْعَلُ إِمَّا لِأَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ وَكَانَ الْمُؤْمِنُونَ حِينَئِذٍ مَمْقُوتِينَ بَيْنَ الْكَفَرَةِ ، فَوَعَدَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ إِذَا جَاءَ الْإِسْلَامُ ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُحَبِّبُهُمْ إِلَى خَلْقِهِ بِمَا يُعْرِضُ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ وَيَنْشُرُ مِنْ دِيوَانِ أَعْمَالِهِمْ ؛ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013180إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ : قَدْ أَحْبَبْتُ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ ؛ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا فَمِثْلُ ذَلِكَ " .
وَعَنْ
كَعْبٍ قَالَ : مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ
nindex.php?page=treesubj&link=19884_30516لَا مَحَبَّةَ لِأَحَدٍ فِي الْأَرْضِ حَتَّى يَكُونَ ابْتِدَاؤُهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى يُنْزِلُهَا عَلَى أَهْلِ السَّمَاءِ ثُمَّ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=96سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ) .
الْقَوْلُ الثَّانِي - وَهُوَ اخْتِيَارُ
أَبِي مُسْلِمٍ : مَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=96سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ) أَيْ : يَهَبُ لَهُمْ مَا يُحِبُّونَ وَالْوُدُّ وَالْمَحَبَّةُ سَوَاءٌ ، يُقَالُ : آتَيْتُ فُلَانًا مَحَبَّتَهُ ، وَجَعَلَ لَهُمْ مَا يُحِبُّونَ ، وَجَعَلْتُ لَهُ وُدَّهُ ، وَمِنْ كَلَامِهِمْ : يَوَدُّ لَوْ كَانَ كَذَا ، وَوَدِدْتُ أَنْ لَوْ كَانَ كَذَا ، أَيْ أَحْبَبْتُ ، وَمَعْنَاهُ : سَيُعْطِيهِمُ الرَّحْمَنُ وُدَّهُمْ أَيْ مَحْبُوبَهُمْ فِي الْجَنَّةِ .
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ حَمْلَ الْمَحَبَّةِ عَلَى الْمَحْبُوبِ مَجَازٌ ، وَلِأَنَّا ذَكَرْنَا أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ وَفَسَّرَهَا بِذَلِكَ ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى ، وَقَالَ
أَبُو مُسْلِمٍ : بَلِ الْقَوْلُ الثَّانِي أَوْلَى ؛ لِوُجُوهٍ :
[ ص: 219 ] أَحَدُهَا : كَيْفَ يَصِحُّ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ مَعَ عِلْمِنَا بِأَنَّ الْمُسْلِمَ الْمُتَّقِيَ يُبْغِضُهُ الْكُفَّارُ ، وَقَدْ يُبْغِضُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ .
وَثَانِيهَا : أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْمَحَبَّةِ قَدْ تَحْصُلُ لِلْكُفَّارِ وَالْفُسَّاقِ أَكْثَرَ فَكَيْفَ يُمْكِنُ جَعْلُهُ إِنْعَامًا فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ ؟
وَثَالِثُهَا : أَنَّ مَحَبَّتَهُمْ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ فِعْلِهِمْ ، لَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَعَلَهُ ، فَكَانَ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى إِعْطَاءِ الْمَنَافِعِ الْأُخْرَوِيَّةِ أَوْلَى .
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ : يَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ مَحَبَّةً عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ . وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ حَكَى عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013181إِذَا ذَكَرَنِي عَبْدِي الْمُؤْمِنُ فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ، وَإِذَا ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ أَطْيَبَ مِنْهُمْ وَأَفْضَلَ " . وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ عَنِ الْكَلَامِ الثَّانِي ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ وَالْفَاسِقَ لَيْسَ كَذَلِكَ .
وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى فِعْلِ الْأَلْطَافِ وَخَلْقِ دَاعِيَةِ إِكْرَامِهِ فِي قُلُوبِهِمْ . أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=97فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ ) فَهُوَ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ بَيَّنَ بِهِ عَظِيمَ مَوْقِعِ هَذِهِ السُّورَةِ لِمَا فِيهَا مِنَ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْحَشْرِ وَالنَّشْرِ وَالرَّدِّ عَلَى فِرَقِ الْمُضِلِّينَ الْمُبْطِلِينَ ، فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ يَسَّرَ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ لِيُبَشِّرَ بِهِ وَيُنْذِرَ ، وَلَوْلَا أَنَّهُ تَعَالَى نَقَلَ قِصَصَهُمْ إِلَى اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ لَمَا تَيَسَّرَ ذَلِكَ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=30177_32233أَنَّ الْقُرْآنَ يَتَضَمَّنُ تَبْشِيرَ الْمُتَّقِينَ وَإِنْذَارَ مَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ فَبَيِّنٌ ، لَكِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ يُبَشِّرُ بِهِ الْمُتَّقِينَ ذَكَرَ فِي مُقَابَلَتِهِ مَنْ هُوَ فِي مُخَالَفَةِ التَّقْوَى أَبْلَغُ ، وَأَبْلَغُهُمُ الْأَلَدُّ الَّذِي يَتَمَسَّكُ بِالْبَاطِلِ وَيُجَادِلُ فِيهِ وَيَتَشَدَّدُ وَهُوَ مَعْنَى لُدًّا .
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى خَتَمَ السُّورَةَ بِمَوْعِظَةٍ بَلِيغَةٍ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=98وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ ) لِأَنَّهُمْ إِذَا تَأَمَّلُوا وَعَلِمُوا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا وَالِانْتِهَاءِ إِلَى الْمَوْتِ خَافُوا ذَلِكَ وَخَافُوا أَيْضًا سُوءَ الْعَاقِبَةِ فِي الْآخِرَةِ ، فَكَانُوا فِيهَا إِلَى الْحَذَرِ مِنَ الْمَعَاصِي أَقْرَبَ ، ثُمَّ أَكَدَّ تَعَالَى فِي ذَلِكَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=98هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ ) لِأَنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا لَمْ يُحِسَّ مِنْهُمْ أَحَدًا بِرُؤْيَةٍ أَوْ إِدْرَاكٍ أَوْ وُجْدَانٍ ، وَلَا يَسْمَعْ لَهُمْ رِكْزًا- وَهُوَ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ ، وَمِنْهُ رَكَزَ الرُّمْحَ إِذَا غَيَّبَ طَرَفَهُ فِي الْأَرْضِ وَالرِّكَازُ الْمَالُ الْمَدْفُونُ - دَلَّ ذَلِكَ عَلَى انْقِرَاضِهِمْ وَفَنَائِهِمْ بِالْكُلِّيَّةِ .
وَالْأَقْرَبُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=98أَهْلَكْنَا ) أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الِانْقِرَاضُ بِالْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْعَذَابِ الْمُعَجَّلِ فِي الدُّنْيَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ .