الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 215 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم ( 59 ) )

يقول تعالى ذكره : إذا بلغ الصغار من أولادكم وأقربائكم ، ويعني بقوله : ( منكم ) من أحراركم ( الحلم ) يعني الاحتلام ، واحتلموا ( فليستأذنوا ) يقول : فلا يدخلوا عليكم فى وقت من الأوقات إلا بإذن ، لا في أوقات العورات الثلاث ولا في غيرها . وقوله : ( كما استأذن الذين من قبلهم ) يقول : كما استأذن الكبار من ولد الرجل وأقربائه الأحرار ، وخص الله تعالى ذكره في هذه الآية الأطفال بالذكر ، وتعريف حكمهم عباده في الاستئذان دون ذكر ما ملكت أيماننا ، وقد تقدمت الآية التي قبلها بتعريفهم حكم الأطفال الأحرار والمماليك ; لأن حكم ما ملكت أيمانكم في ذلك حكم واحد ، سواء فيه حكم كبارهم وصغارهم في أن الإذن عليهم في الساعات الثلاث التي ذكرها الله في الآية التي قبل .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قال : أما من بلغ الحلم فإنه لا يدخل على الرجل وأهله ، يعني من الصبيان الأحرار إلا بإذن على كل حال ، وهو قوله : ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم ) .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال عطاء : ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا ) قال : واجب على الناس أجمعين أن يستأذنوا إذا احتلموا على من كان من الناس .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن ابن المسيب ، قال : يستأذن الرجل على أمه؟ قال : إنما أنزلت ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم ) في ذلك ( كذلك يبين الله لكم آياته ) يقول : هكذا يبين الله لكم آياته ، أحكامه وشرائع دينه ، كما بين لكم أمر هؤلاء الأطفال في الاستئذان بعد البلوغ ( والله عليم حكيم ) يقول : والله عليم بما يصلح خلقه وغير ذلك من الأشياء ، حكيم في تدبيره خلقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية