الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون

                                                                                                                                                                                                                                      قل يا أهل الكتاب أمر بخطاب أهل الكتابين. وقيل: بخطاب وفد نجران. وقيل: بخطاب يهود المدينة. تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم لا يختلف فيها الرسل والكتب وهي ألا نعبد إلا الله أي: نوحده بالعبادة ونخلص فيها. ولا نشرك به شيئا ولا نجعل غيره شريكا له في استحقاق العبادة ولا نراه أهلا لأن يعبد. ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله بأن نقول عزير ابن الله والمسيح ابن الله ولا نطيع الأحبار فيما أحدثوا من التحريم و التحليل لأن كلا منهم بعضنا بشر مثلنا، روي أنه لما نزلت اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله قال عدي بن حاتم: ما كنا نعبدهم يا رسول الله، فقال عليه السلام: أليس كانوا يحلون لكم و يحرمون فتأخذون بقولهم؟ قال: نعم، قال عليه السلام: هو ذاك. فإن تولوا عما دعوتهم إليه من التوحيد وترك الإشراك. فقولوا أي: قل لهم أنت و المؤمنون. اشهدوا بأنا مسلمون أي: لزمتكم الحجة فاعترفوا بأنا مسلمون دونكم أو اعترفوا بأنكم كافرون بما نطقت به الكتب و تطابقت عليه الرسل عليهم السلام. - تنبيه -: انظر إلى ما روعي في هذه القصة من المبالغة في الإرشاد و حسن التدرج في المحاجة، حيث بين أولا: أحوال عيسى عليه السلام و ما توارد عليه من الأطوار المنافية للإلهية، ثم ذكر كيفية دعوته للناس إلى التوحيد و الإسلام، فلما ظهر عنادهم دعوا إلى المباهلة بنوع من الإعجاز، ثم لما أعرضوا عنها وانقادوا بعض الانقياد دعوا إلى ما اتفق [ ص: 48 ] عليه عيسى عليه السلام و الإنجيل وسائر الأنبياء عليهم السلام والكتب، ثم لما ظهر عدم إجدائه أيضا أمر بأن يقال لهم اشهدوا بأنا مسلمون.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية