الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: فالق الحب والنوى فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: يعني فالق الحبة عن السنبلة والنواة عن النخلة ، قاله الحسن . وقتادة ، والسدي ، وابن زيد . [ ص: 147 ] والثاني: أن الفلق الشق الذي فيهما ، قال مجاهد . والثالث: أنه يعني خالق الحب والنوى ، قاله ابن عباس . وذكر بعض أصحاب الغوامض قولا رابعا: أنه مظهر ما في حبة القلب من الإخلاص ، والرياء. يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: يخرج السنبلة الحية من الحبة الميتة ، والنخلة الحية من النواة الميتة ، ويعني بإخراج الميت من الحي أن يخرج الحبة الميتة من السنبلة الحية ، والنواة الميتة من النخلة الحية ، قاله السدي . والثاني: أن يخرج الإنسان من النطفة ، والنطفة من الإنسان ، قاله ابن عباس . والثالث: يخرج المؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن ، قاله الحسن . وقد ذكرنا فيه احتمالا ، أنه يخرج الفطن الجلد من البليد العاجز ، ويخرج البليد العاجز من الفطن الجلد. ذلكم الله فأنى تؤفكون أي تصرفون عن الحق. فالق الإصباح فيه أربعة أقاويل: أحدها: فالق الإصباح ، قاله قتادة . والثاني: أنه إضاءة الفجر ، قاله مجاهد . والثالث: أن معناه خالق نور النهار ، وهذا قول الضحاك. والرابع: أن الإصباح ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل ، قاله ابن عباس . وجعل الليل سكنا فيه قولان: [ ص: 148 ] أحدهما: أنه سمي سكنا لأن كل متحرك بالنهار يسكن فيه. والثاني: لأن كل حي يأوي فيه إلى مسكنه. والشمس والقمر حسبانا فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: معناه يجريان في منازلهما بحساب وبرهان فيه بدء ورد إلى زيادة ونقصان ، قاله ابن عباس والسدي . والثاني: أي جعلهما سببا لمعرفة حساب الشهور والأعوام. والثالث: أي جعل الشمس والقمر ضياء ، قاله قتادة ، وكأنه أخذه من قوله تعالى: ويرسل عليها حسبانا من السماء [الكهف: 40] قال: نارا.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية