الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 191 ] قالوا حديثان متناقضان .

        19 - الأئمة من قريش .

        قالوا : رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : الأئمة من قريش ورويتم أن أبا بكر الصديق احتج بذلك على الأنصار يوم سقيفة بني ساعدة .

        ثم رويتم عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال عند موته : لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا ما تخالجني فيه الشك .

        وسالم ليس مولى لأبي حذيفة وإنما هو مولى لامرأة من الأنصار وهي أعتقته وربته ، ونسب إلى أبي حذيفة بحلف ، فجعلتم الإمامة تصلح لموالي الأنصار ، ولو كان مولى لقريش لأمكن أن تحتجوا بأن مولى القوم منهم ومن أنفسهم ، قالوا : وهذا تناقض واختلاف .

        قال أبو محمد : ونحن نقول : إنه ليس في هذا القول تناقض ، وإنما كان يكون تناقضا ، لو قال عمر : لو كان سالم حيا ما تخالجني الشك في توليته عليكم ، أو في تأميره .

        فأما قوله : ما تخالجني الشك فيه . فقد يحتمل غير ما ذهبوا إليه .

        [ ص: 192 ] وكيف يظن بعمر - رضي الله عنه - أنه يقف في خيار المهاجرين ، والذين شهد لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنة فلا يختار منهم ، ويجعل الأمر شورى بينهم ولا يتخالجه الشك في توليته سالما عليهم - رضي الله عنه - هذا خطأ من القول وضعف في الرأي ، ولكن عمر لما جعل الأمر شورى بين هؤلاء ، ارتاد للصلاة من يقوم بها أن يختاروا الإمام منهم وأجلهم في الاختيار ثلاثا وأمر عبد الله ابنه أن يأمرهم بذلك ، فذكر سالما فقال : لو كان حيا ما تخالجني فيه الشك وذكر الجارود العبدي ، فقال : لو كان أعيمش بني عبد القيس حيا لقدمته .

        وقوله لقدمته دليل على أنه أراد في سالم مثل ذلك من تقديمه للصلاة بهم ثم أجمع على صهيب الرومي فأمره بالصلاة إلى أن يتفق القوم على اختيار رجل منهم .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية