الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قوله - جل وعز -: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ؛ " البطانة " : الدخلاء الذين يستبطنون ويتبسط إليهم؛ يقال: " فلان بطانة لفلان " ؛ أي: مداخل له ومؤانس " ؛ فالمعنى أن المؤمنين أمروا ألا يداخلوا المنافقين؛ ولا اليهود؛ وذلك أنهم كانوا لا يبقون غاية في التلبيس على [ ص: 462 ] المؤمنين؛ فأمروا بألا يداخلوهم؛ لئلا يفسدوا عليهم دينهم؛ وأخبر الله المؤمنين بأنهم لا يألونهم خبالا؛ أي: لا يبقون غاية في إلقائهم فيما يضرهم؛ وأصل " الخبال " ؛ في اللغة: ذهاب الشيء؛ قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        أبني سليمى لستم ليد ... إلا يدا مخبولة العضد



                                                                                                                                                                                                                                        أي: قد ذهبت عضدها؛ ودوا ما عنتم ؛ أي: ودوا عنتكم؛ ومعنى " العنت " : إدخال المشقة على الإنسان؛ يقال: " فلان متعنت فلانا " ؛ أي: يقصد إدخال المشقة والأذى عليه؛ ويقال: " قد عنت العظم؛ يعنت؛ عنتا " ؛ إذا أصابه شيء بعد الجبر؛ وأصل هذا كله من قولهم: " أكمة عنوت " ؛ إذا كانت طويلة؛ شاقة المسلك؛ فتأويل " أعنت فلانا " : حملته على المشقة.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية