الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسائل المزني

                                                                                                                                            قال المزني رحمه الله : " وهذه مسائل أجبت فيها على قوله وقياسه وبالله التوفيق " .

                                                                                                                                            مسألة : قال المزني رحمه الله : " من ذلك لو دفع إليه ألف درهم فقال خذها فاشتر بها هرويا ، أو مرويا بالنصف كان فاسدا ؛ لأنه لم يبين فإن اشترى فجائز وله أجر مثله وإن باع فباطل ؛ لأن البيع بغير أمره " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا ما قال .

                                                                                                                                            إذا دفع رب المال إلى العامل ألف درهم وقال : اشتر بها هرويا ، أو مرويا بالنصف كان فاسدا باتفاق أصحابنا ، وإنما اختلفوا في علة فساده على ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدهما : أن علة فساده أنه قال فاشتر بها هرويا ، أو مرويا فلم يبين أحد النوعين من [ ص: 344 ] المروي ، أو الهروي ، ولم يجمع بينهما فجعله مشكلا ، والقراض إنما يصح بأن يعم جميع الأجناس ، أو يعين بأحد الأجناس .

                                                                                                                                            والثاني : وهو اختيار أبي علي بن أبي هريرة أن علة فساده أنه قال بالنصف ، ولم يبين النصف هل يكون لرب المال ، أو للعامل ؟ قال واشتراطه نصف الربح لنفسه مبطل للقراض ما لم يبين نصف العامل ، واشتراطه نصف الربح للعامل غير مبطل للقراض ، فصار القراض بهذا القول مترددا بين الصحة ، والفساد فبطل .

                                                                                                                                            والثالث : وهو اختيار أبي إسحاق المروزي أنه بطل بقوله فاشتر ، ولم يقل وبع ، والقراض إنما يصح بالشراء والبيع فلذلك بطل .

                                                                                                                                            فإذا تقرر ما وصفنا من اختلاف أصحابنا في علة فساده فإن اشترى كان الشراء جائزا ؛ لأنه مأمور به وله أجرة مثله ، وإن باع كان البيع باطلا ؛ لأنه غير مأمور به .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية