الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الحيض [ ص: 283 ] عنون به لكثرته وأصالته ، وإلا فهي ثلاثة : حيض ، ونفاس ، واستحاضة . ( هو ) لغة : السيلان . وشرعا : على القول بأنه من الأحداث : مانعية شرعية بسبب الدم المذكور . وعلى القول بأنه من الأنجاس ( دم من رحم ) خرج الاستحاضة ، ومنه ما تراه صغيرة وآيسة ومشكل ( لا لولادة ) خرج النفاس . وسببه ابتداء ابتلاء الله لحواء لأكل الشجرة .

التالي السابق


باب الحيض اعلم أن باب الحيض من غوامض الأبواب خصوصا المتحيرة وتفاريعها ، ولهذا اعتنى به المحققون ، وأفرده محمد في كتاب مستقل ، ومعرفة مسائله من أعظم المهمات لما يترتب عليها ما لا يحصى من الأحكام : كالطهارة ، [ ص: 283 ] والصلاة ، والقراءة ، والصوم والاعتكاف ، والحج ، والبلوغ ، والوطء ، والطلاق ، والعدة ، والاستبراء ، وغير ذلك . وكان من أعظم الواجبات ; لأن عظم منزلة العلم بالشيء بحسب منزلة ضرر الجهل به ، وضرر الجهل بمسائل الحيض أشد من ضرر الجهل بغيرها ، فيجب الاعتناء بمعرفتها وإن كان الكلام فيها طويلا ، فإن المحصل يتشوق إلى ذلك ، ولا التفات إلى كراهة أهل البطالة . ثم الكلام فيه في عشرة مواضع : في تفسيره لغة وشرعا ، وسببه ، وركنه ، وشرطه ، وقدره ، وألوانه ، وأوانه ، ووقت ثبوته ، والأحكام المتعلقة به بحر ( قوله عنون به ) أي جعل الحيض عنوانا على ما يذكر في هذا الباب من النفاس والاستحاضة وما يتبعهما ط ( قوله لكثرته ) أي كثرة وقوعه بالنسبة إلى أخويه ( قوله وأصالته ) أي ولكونه أصلا في هذا الباب في بيان الأحكام ، والأصل يطلق على الكثير الغالب ( قوله وإلا ) أي وإن لم نقل إنه عنون به وحده لما ذكر لكان المناسب ذكر غيره أيضا ، فإن الدماء المبحوث عنها هنا ثلاثة ( قوله وإلا فاستحاضة ) أي وإن لم يكن واحدا منهما فهو استحاضة ، وخص ما عداهما بالاستحاضة للرد على من سمى ما تراه الصغيرة دم فساد لا استحاضة ( قوله هو لغة السيلان ) يقال حاض الوادي : إذا سال ، وسمي حيضا لسيلانه في أوقاته ( قوله بأنه من الأحداث ) أي إن مسماه الحدث الكائن من الدم كالجنابة اسم للحدث الخاص لا للماء الخاص بحر ( قوله مانعية شرعية ) أي صفة شرعية مانعة عما تشترط له الطهارة ، كالصلاة ، ومس المصحف ، وعن الصوم ، ودخول المسجد ، والقربان بسبب الدم المذكور ( قوله وعلى القول إلخ ) ظاهر المتون اختياره ، قيل ولا ثمرة لهذا الاختلاف ( قوله دم ) شمل الدم الحقيقي والحكمي بحر : أي كالطهر المتخلل بين الدمين ، فلا يرد أنه يلزم عليه أن لا تسمى المرأة حائضا في غير وقت درور الدم فافهم .

( قوله خرج الاستحاضة ) أي بناء على أن المراد بالرحم وعاء الولد لا الفرج ، خلافا لما في البحر . وخرج دم الرعاف والجراحات وما يخرج من دبرها وإن ندب إمساك زوجها عنها واغتسالها منه ، وأما ما يخرج من رحم غير الآدمية كالأرنب والضبع والخفاش ، قالوا : ولا يحيض غيرها من الحيوانات نهر ، وكان الأولى للمصنف أن يقول رحم امرأة كما في الكنز لإخراج الأخير ( قوله ومنه ) أي من الاستحاضة ، وذكر الضمير نظرا لكونها دما ط ( قوله صغيرة ) هي كما يأتي : من لم تبلغ تسع سنين على المعتمد ( قوله وآيسة ) سيأتي بيانها متنا وشرحا ( قوله ومشكل ) أي خنثى مشكل . قال في الظهيرية ما نصه : الخنثى المشكل إذا خرج منه المني والدم فالعبرة للمني دون الدم . ا هـ وكأنه ; لأن المني لا يشتبه بغيره ، بخلاف الحيض فيشتبه بالاستحاضة . ا هـ ح ، وهل اعتباره في زوال الإشكال أو في لزوم الغسل منه فقط ; لأنه يستوي فيه الذكر والأنثى فلا يدل على الذكورة فليراجع .

وعلى الثاني فوجه تسمية الشارح هذا الدم استحاضة ظاهر بخلافه على الأول فتأمل ( قوله ابتلاء الله لحواء إلخ ) أي وبقي في بناتها إلى يوم القيامة ، وما قيل : إنه أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل فقد رده البخاري بقوله [ ص: 284 ] وحديث النبي صلى الله عليه وسلم أكبر ، وهو ما رواه عن عائشة رضي الله عنها قالت : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحيض هذا شيء كتبه الله على بنات آدم } قال النووي : أي إنه عام في جميع بنات آدم




الخدمات العلمية