الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: "عاليهم ثياب سندس"؛ بإسكان الياء؛ وقرئت: عاليهم ؛ بفتح الياء؛ وقرئت: "عليهم"؛ بغير ألف؛ ثياب سندس ؛ وهذه الثلاثة توافق المصحف؛ وكلها حسن في العربية؛ وقرئ على وجهين غير هذه الثلاثة؛ قرئت: "عاليتهم ثياب سندس"؛ بالرفع؛ والتأنيث؛ و"عاليتهم"؛ بالنصب؛ وهذان الوجهان جيدان في العربية؛ إلا أنهما يخالفان [ ص: 262 ] المصحف؛ ولا أرى القراءة بهما؛ وقراء الأمصار ليس يقرؤون بهما؛ فأما تفسير إسكان "عاليهم"؛ بإسكان الياء؛ فيكون رفعه بالابتداء؛ ويكون خبره ثياب سندس خضر ؛ ومن نصب فقال: عاليهم ؛ بفتح الياء؛ فقال بعض النحويين: إنه ينصبه على الظرف؛ كما تقول: "فوقهم ثياب"؛ وهذا لا نعرفه في الظروف؛ ولو كان ظرفا لم يجز إسكان الياء؛ ولكن نصبه على الحال من شيئين؛ أحدهما من الهاء والميم؛ المعنى: "يطوف على الأبرار ولدان مخلدون عاليا الأبرار ثياب سندس"؛ لأنه قد وصف أحوالهم في الجنة؛ فيكون المعنى: "يطوف عليهم في هذه الحال هؤلاء"؛ ويجوز أن يكون حالا من الولدان؛ المعنى: "إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا في حال علو الثياب إياهم"؛ فالنصب على هذا بين؛ فأما "عليهم ثياب سندس"؛ فرفع؛ كقولك: "عليك مال"؛ فترفعه بالابتداء؛ ويكون المعنى: "وثياب سندس عليهم"؛ وتفسير نصب "عاليتهم"؛ ورفعها كتفسير "عاليهم"؛ و"السندس": الحرير؛ وقد قرئت: "خضر"؛ و"خضر"؛ فمن قرأ: "خضر"؛ فهو أحسن؛ لأنه يكون نعتا للثياب؛ فلفظ الثياب لفظ الجميع؛ و"خضر"؛ لفظها لفظ الجمع؛ ومن قرأ: "خضر"؛ فهو من نعت السندس؛ و"السندس"؛ في المعنى راجع إلى الثياب؛ وقرئت: "وإستبرق"؛ وهو الديباج الصفيق الغليظ الخشن؛ وقرئت بالرفع؛ والجر؛ فمن رفع فهو عطف على "ثياب"؛ المعنى: "عليهم إستبرق"؛ ومن جر عطف على السندس؛ ويكون المعنى: "عليهم ثياب من هذين النوعين؛ ثياب سندس وإستبرق"؛ وقرئت: "وإستبرق"؛ على وجهين غير هذين الوجهين؛ كلاهما ضعيف في العربية جدا؛ قرئت: "وإستبرق وحلوا"؛ بنصب "إستبرق"؛ وهو في موضع الجر؛ ولم يصرف؛ قرأها ابن محيصن؛ وزعموا أنه لم يصرفه لأن "وإستبرق"؛ اسم أعجمي؛ وأصله بالفارسية: "استبره"؛ فلما حول إلى العربية لم يصرف؛ وهذا غلط؛ لأنه نكرة؛ ألا ترى أن الألف واللام يدخلانه؟ تقول: "السندس والإستبرق"؛ والوجه الثاني: "واستبرق وحلوا"؛ بطرح الألف؛ جعل الألف ألف [ ص: 263 ] وصل؛ وجعله مسمى بالفعل من البريق؛ وهذا خطأ؛ لأن الإستبرق معروف معلوم أنه اسم نقل من العجمية إلى العربية؛ كما سمي الديباج؛ وهو منقول من الفارسية. قوله - عز وجل -: وسقاهم ربهم شرابا طهورا ؛ جاء في التفسير أنهم إذا شربوه ضمرت بطونهم؛ ورشحت جلودهم عرقا كرائحة المسك؛ وقيل إنه طهور ليس برجس كخمر الدنيا.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية