الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قال رب إني أخاف أن يكذبون ( 12 ) ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون ( 13 ) ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون ( 14 ) )

يقول تعالى ذكره : ( قال ) موسى لربه ( رب إني أخاف ) من قوم فرعون الذين أمرتني أن آتيهم ( أن يكذبون ) بقيلي لهم : إنك أرسلتني إليهم . ( ويضيق صدري ) من تكذيبهم إياي إن كذبوني . ورفع قوله : ( ويضيق صدري ) عطفا به على أخاف ، وبالرفع فيه قرأته عامة قراء الأمصار ، ومعناه : وإني يضيق صدري . وقوله : ( ولا ينطلق لساني ) يقول : ولا ينطق بالعبارة عما ترسلني به إليهم ، للعلة التي كانت بلسانه . وقوله : ( ولا ينطلق لساني ) كلام معطوف به على يضيق . وقوله : ( فأرسل إلى هارون ) يعني هارون أخاه ، ولم يقل : فأرسل إلى هارون ليؤازرني وليعينني ، إذ كان مفهوما معنى الكلام ، وذلك كقول القائل : لو نزلت بنا نازلة لفزعنا إليك ، بمعنى : لفزعنا إليك لتعيننا . وقوله : ( ولهم علي ذنب ) يقول : ولقوم فرعون علي دعوى ذنب أذنبت [ ص: 338 ] إليهم ، وذلك قتله النفس التي قتلها منهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثني عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون ) قال : قتل النفس التي قتل منهم .

حدثنا القاسم ، قال : ثني الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قال : قتل موسى النفس .

قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله : ( ولهم علي ذنب ) قال : قتل النفس .

وقوله : ( فأخاف أن يقتلون ) يقول : فأخاف أن يقتلوني قودا بالنفس التي قتلت منهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية