الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في البيعين بالخيار ما لم يفترقا قلت لابن القاسم : هل يكون البائعان بالخيار ما لم يفترقا في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : لا خيار لهما وإن لم يفترقا ، قال مالك : البيع كلام ، فإذا أوجبا البيع بالكلام وجب البيع ، ولم يكن لأحدهما أن يمتنع مما قد لزمه .

                                                                                                                                                                                      قال مالك في حديث ابن عمر : { المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يفترقا إلا بيع الخيار } ، قال مالك : ليس لهذا عندنا حد معروف ولا أمر معمول به فيه ، [ ص: 223 ] وقد كان ابن مسعود يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أيما بيعين تبايعا فالقول ما قال البائع أو يترادان } .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب : وقد ذكر إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن أمية ، عن عبد الملك بن عبيد ، عن ابن لعبد الله بن مسعود أنه حدثه عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا اختلف المتبايعان استحلف البائع ثم كان المبتاع بالخيار إن شاء أخذ وإن شاء ترك } .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون ، وقال أشهب : الذي اجتمع عليه أهل العلم من أهل الحجاز أن البائعين إذا أوجبا البيع بينهما فقد لزم ولا خيار لواحد منهما إلا أن يكون اشترط الخيار أحدهما فيكون ذلك المشترط على الخيار على صاحبه ، وليس العمل على الحديث الذي جاء { البيعان بالخيار ما لم يتفرقا } ، ونرى والله أعلم أنه منسوخ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { المسلمون على شروطهم } ولقوله صلى الله عليه وسلم : { إذا اختلف البيعان استحلف البائع } .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون ، وقال غيره : فلو كان الخيار لهما كلف البائع اليمين ، ولقال هب الأمر كما قال المبتاع أليس لي أن لا أقبل وأن يفسخ عني البيع ، فإذا صادقته على البيع كان لي أن لا يلزمني ، فإذا خالفته فذلك أبعد من أن يلزمني ابن وهب ، وقد قال مالك : الأمر عندنا في الذي يشتري السلعة من الرجل فيختلفان في الثمن فيقول البائع : بعتكها بعشرة دنانير ويقول المشتري : اشتريتها بخمسة دنانير أنه يقال للبائع : إن شئت فأعط المشتري بما قال وإن شئت فاحلف بالله ما بعت سلعتك إلا بما قلت ، فإن حلف قيل للمشتري إما أن تأخذ السلعة بما قال البائع وإما أن تحلف بالله ما اشتريتها إلا بما قلت ، فإن حلف برئ منها وذلك أن كل واحد منهما مدع على صاحبه .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون : وأخبرني ابن وهب ووكيع ، عن سفيان ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، عن شريح قال : إذا اختلف البائعان وليس بينهما بينة قال : إن حلفا ترادا وإن نكلا ترادا وإن حلف أحدهما ونكل الآخر لزمه البيع .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية