الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب الرقية من العين

                                                                                                          حدثني عن مالك عن حميد بن قيس المكي أنه قال دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بابني جعفر بن أبي طالب فقال لحاضنتهما ما لي أراهما ضارعين فقالت حاضنتهما يا رسول الله إنه تسرع إليهما العين ولم يمنعنا أن نسترقي لهما إلا أنا لا ندري ما يوافقك من ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم استرقوا لهما فإنه لو سبق شيء القدر لسبقته العين

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          2 - باب الرقية من العين

                                                                                                          1748 1699 - ( مالك عن حميد بن قيس المكي ) القارئ الأعرج: ( أنه قال ) معضلا .

                                                                                                          ورواه ابن وهب في جامعه عن مالك عن حميد بن قيس عن عكرمة بن خالد به مرسلا ، وجاء موصولا من وجوه صحاح عند أحمد ، والترمذي ، وابن ماجه عن أسماء بنت عميس ، ( دخل ) - بضم الدال - ( على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بابني جعفر بن أبي طالب ) الهاشمي الأمير المستشهد بمؤتة ، أسن من شقيقه علي بعشر سنين ، ( فقال لحاضنتهما ) ، يجوز أن تكون أمهما أسماء بنت عميس ، ويجوز أن تكون غيرها ، قاله أبو عمر ، ( مالي أراهما ضارعين ) - بضاد معجمة - أي نحيلي الجسم ، ( فقالت حاضنتهما : يا رسول الله إنه تسرع إليهما العين ، ولم يمنعنا أن نسترقي لهما إلا أنا لا ندري ما يوافقك من ذلك ) ، وروى قاسم بن أصبغ عن جابر : " أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لأسماء بنت عميس : ما شأن أجسام بني أخي ضارعة أتصيبهم حاجة ؟ قالت : لا ، ولكن تسرع إليهم العين أفنرقيهم ؟ قال : وبم ذا ؟ فعرضت عليه ، فقال : ارقيهم ، ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 511 ] استرقوا ) - بسكون القاف - من الرقية ، وهي العوذة - بضم العين - ما يرقى به من الدعاء لطلب الشفاء : أي اطلبوا ( لهما ) من يرقيهما ، ( فإنه لو سبق شيء القدر ) - بفتحتين - أي لو فرض أن لشيء قوة بحيث يسبق القدر ، ( لسبقته العين ) ، لكنها لا تسبق القدر فكيف غيرها ، فإنه تعالى قدر المقادير قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة .

                                                                                                          قال القرطبي : فلو مبالغة في تحقيق إصابة العين جرى مجرى التمثيل ، إذ لا يرد القدر شيء ، فإنه عبارة عن سابق علم الله ، ونفوذ مشيئته ، ولا راد لأمره ، ولا معقب لحكمه ، فهو كقولهم : لأطلبنك ولو تحت الثرى ، ولو صعدت السماء .

                                                                                                          وقال البيضاوي : معناه أن إصابة العين لها تأثير ، ولو أمكن أن يعاجل القدر شيء ، فيؤثر في إفناء شيء وزواله قبل أوانه المقدر لسبقته العين ، انتهى .

                                                                                                          وقد أخرج البزار بسند حسن ، عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالأنفس " ، قال الراوي يعني بالعين .

                                                                                                          وفيه إثبات القدر وصحة أمر العين ، وأنها قوية الضرر ، والأمر بالرقى وأنها نافعة ، ولا يعارضه النهي عنها في عدة أحاديث كخبر الذين لا يسترقون ; لأن الرقية المأذون فيها ما كانت باللسان العربي ، أو بما يفهم معناه ، ويجوز شرعا مع اعتقاد أنها لا تؤثر بذاتها ، بل بتقدير الله ، والمنهي عنها ما فقد فيها شرعا من ذلك .




                                                                                                          الخدمات العلمية