الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ثم بين ذلك بقوله: إن تدعوهم ؛ أي: المعبودات من دونه؛ دعاء عبادة؛ أو استغاثة؛ لا يسمعوا ؛ أي: بحس السمع؛ في وقت من الأوقات؛ دعاءكم ؛ لأنهم جماد؛ ولو سمعوا ؛ في المستقبل؛ ما استجابوا لكم ؛ لأنهم إذ ذاك يعلمون أن إجابتكم لا ترضي الله؛ وهم مما أبى أن يحمل الأمانة؛ ويخون فيها؛ بالعمل بغير ما يرضي الله - سبحانه -؛ أو يكون المعنى: ولو فرض أنه يوجد لهم سمع؛ أو: ولو كانوا سامعين - ليدخل فيه من عبد من الأحياء - ما لزم من السماع إجابة؛ لأنه لا ملازمة بين السمع؛ والنطق؛ مع القدرة على ما يراد من السامع؛ فإن البهائم تسمع؛ وتجيب؛ والمجيبون غيره يجيبون ولا قدرة لهم على أكثر ما يطلب منهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما ذكر ما هو على سبيل الفرض؛ ذكر ما يصير إليه بينهم وبينهم الأمر؛ فقال: ويوم القيامة ؛ أي: حين ينطقهم الله [ ص: 30 ] يكفرون بشرككم ؛ أي: ينكرونه؛ ويتبرؤون منه؛ ولما كان التقدير: قد أنبأكم بذلك الخبير؛ وكانوا لا يقرون بذلك؛ ولا يفهمونه حق فهمه؛ ولا يعملون به؛ صرف الخطاب عنهم إلى من له الفهم التام؛ والطاعة الكاملة؛ فقال - عاطفا على هذا الذي هدى إلى تقديره السياق -: ولا ينبئك ؛ أي: إنباء بليغا عظيما؛ على هذا الوجه؛ بشيء من الأشياء؛ مثل خبير ؛ أي: بالغ الخبر؛ فلا يمكن الطعن في شيء مما أخبر به؛ وأما غيره فلا يخبر خبرا إلا يوجه إليه نقص.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية