الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم ( 34 ) يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون ( 35 ) قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين ( 36 ) يأتوك بكل سحار عليم ( 37 ) )

يقول تعالى ذكره : قال فرعون لما أراه موسى من عظيم قدرة الله وسلطانه حجة عليه لموسى بحقيقة ما دعاه إليه ، وصدق ما أتاه به من عند ربه ( للملإ حوله ) يعني لأشراف قومه الذين كانوا حوله . ( إن هذا لساحر عليم ) يقول : إن موسى سحر عصاه حتى أراكموها ثعبانا ( عليم ) ، يقول : ذو علم بالسحر وبصر به . ( يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره ) يقول : يريد أن يخرج بني إسرائيل من أرضكم إلى الشأم بقهره إياكم بالسحر . وإنما قال : يريد أن يخرجكم فجعل الخطاب للملإ حوله من القبط ، والمعني به بنو إسرائيل ، لأن القبط كانوا قد استعبدوا بني إسرائيل ، واتخذوهم خدما لأنفسهم ومهانا ، فلذلك قال لهم : ( يريد أن يخرجكم ) وهو يريد : أن يخرج خدمكم وعبيدكم من أرض مصر إلى الشأم .

وإنما قلت معنى ذلك كذلك ، لأن الله إنما أرسل موسى إلى فرعون يأمره بإرسال بني إسرائيل معه ، فقال له ولأخيه ( فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين أن أرسل معنا بني إسرائيل ) .

وقوله : ( فماذا تأمرون ) يقول : فأي شيء تأمرون في أمر موسى وما به تشيرون من الرأي فيه ؟ ( قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين ) يقول تعالى ذكره : فأجاب فرعون الملأ حوله بأن قالوا له : أخر موسى وأخاه وأنظره ، وابعث في بلادك وأمصار مصر حاشرين يحشرون إليك كل سحار عليم بالسحر .

التالي السابق


الخدمات العلمية