[ ص: 84 ] nindex.php?page=treesubj&link=28889سُورَةُ الْقِيَامَةِ
مَكِّيَّةٌ ، وَهِيَ تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ آيَةً
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=1لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=2وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=4بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ nindex.php?page=treesubj&link=29046قَوْلُهُ تَعَالَى : لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ قِيلَ : إِنَّ " لَا " صِلَةٌ ، وَجَازَ وُقُوعُهَا فِي أَوَّلِ السُّورَةِ ; لِأَنَّ الْقُرْآنَ مُتَّصِلٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ ، فَهُوَ فِي حُكْمِ كَلَامٍ وَاحِدٍ ; وَلِهَذَا قَدْ يُذْكَرُ الشَّيْءُ فِي سُورَةٍ وَيَجِيءُ جَوَابُهُ فِي سُورَةٍ أُخْرَى ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=6وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ . وَجَوَابُهُ فِي سُورَةٍ أُخْرَى : مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ . وَمَعْنَى الْكَلَامِ : أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ; قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ ; وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
تَذَكَّرْتُ لَيْلَى فَاعْتَرَتْنِي صَبَابَةٌ فَكَادَ صَمِيمُ الْقَلْبِ لَا يَتَقَطَّعُ
وَحَكَى
أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ : أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ مَعْنَى لَا أُقْسِمُ : أُقْسِمُ . وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ : لَا قَالَ بَعْضُهُمْ : لَا زِيَادَةٌ فِي الْكَلَامِ لِلزِّينَةِ ، وَيَجْرِي فِي كَلَامِ الْعَرَبِ زِيَادَةُ لَا
[ ص: 85 ] كَمَا قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=12قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ . يَعْنِي أَنْ تَسْجُدَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : " لَا " رَدٌّ لِكَلَامِهِمْ حَيْثُ أَنْكَرُوا الْبَعْثَ ، فَقَالَ : لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمْتُمْ .
قُلْتُ : وَهَذَا قَوْلُ
الْفَرَّاءِ ; قَالَ
الْفَرَّاءُ : وَكَثِيرٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ يَقُولُونَ ( لَا ) صِلَةٌ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبْدَأَ بِجَحْدٍ ثُمَّ يُجْعَلَ صِلَةً ; لِأَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُعْرَفْ خَبَرٌ فِيهِ جَحْدٌ مِنْ خَبَرٍ لَا جَحْدَ فِيهِ ، وَلَكِنَّ الْقُرْآنَ جَاءَ بِالرَّدِّ عَلَى الَّذِينَ أَنْكَرُوا الْبَعْثَ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ ، فَجَاءَ الْإِقْسَامُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْكَلَامِ الْمُبْتَدَأِ مِنْهُ وَغَيْرِ الْمُبْتَدَأِ وَذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ لَا وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ فَ ( لَا ) رَدٌّ لِكَلَامٍ قَدْ مَضَى ، وَذَلِكَ كَقَوْلِكَ : لَا وَاللَّهِ إِنَّ الْقِيَامَةَ لَحَقٌّ ، كَأَنَّكَ أَكْذَبْتَ قَوْمًا أَنْكَرُوهُ . وَأَنْشَدَ غَيْرُ
الْفَرَّاءِ لِامْرِئِ الْقَيْسِ :
فَلَا وَأَبِيكِ ابْنَةَ الْعَامِرِيِّ لَا يَدَّعِي الْقَوْمُ أَنِّي أَفِرُّ
وَقَالَ
غُوَيَّةُ بْنُ سُلْمَى :
أَلَا نَادَتْ أُمَامَةُ بِاحْتِمَالِ لِتَحْزُنَنِي فَلَا بِكِ مَا أُبَالِي
وَفَائِدَتُهَا تَوْكِيدُ الْقَسَمِ فِي الرَّدِّ . قَالَ
الْفَرَّاءُ : وَكَانَ مَنْ لَا يَعْرِفُ هَذِهِ الْجِهَةَ يَقْرَأُ لَأُقْسِمُ بِغَيْرِ أَلِفٍ ; كَأَنَّهَا لَامُ تَأْكِيدٍ دَخَلَتْ عَلَى " أُقْسِمُ " ، وَهُوَ صَوَابٌ ; لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ : لَأُقْسِمُ بِاللَّهِ وَهِيَ قِرَاءَةُ
الْحَسَنِ وَابْنِ كَثِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ هُرْمُزَ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=1بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ أَيْ بِيَوْمٍ يَقُومُ النَّاسُ فِيهِ لِرَبِّهِمْ ، وَلِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنْ يُقْسِمَ بِمَا شَاءَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=2وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ لَا خِلَافَ فِي هَذَا بَيْنَ الْقُرَّاءِ ، وَهُوَ أَنَّهُ أَقْسَمَ سُبْحَانَهُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ وَلَمْ يُقْسِمْ بِالنَّفْسِ . وَعَلَى قِرَاءَةِ
ابْنِ كَثِيرٍ أَقْسَمَ بِالْأُولَى وَلَمْ يُقْسِمْ بِالثَّانِيَةِ .
وَقِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=2وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ رَدٌّ آخَرُ وَابْتِدَاءُ قَسَمٍ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ . قَالَ
الثَّعْلَبِيُّ : وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَقْسَمَ بِهِمَا جَمِيعًا .
وَمَعْنَى : بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ أَيْ بِنَفْسِ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا تَرَاهُ إِلَّا يَلُومُ نَفْسَهُ ، يَقُولُ : مَا أَرَدْتُ بِكَذَا ؟ فَلَا تَرَاهُ إِلَّا وَهُوَ يُعَاتِبُ نَفْسَهُ ; قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمْ . قَالَ
الْحَسَنُ : هِيَ وَاللَّهِ نَفْسُ الْمُؤْمِنِ ، مَا يُرَى الْمُؤْمِنُ إِلَّا يَلُومُ نَفْسَهُ : مَا أَرَدْتُ بِكَلَامِي ؟ مَا أَرَدْتُ بِأَكْلِي ؟ مَا أَرَدْتُ بِحَدِيثِ نَفْسِي ؟ وَالْفَاجِرُ لَا يُحَاسِبُ نَفْسَهُ .
وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : هِيَ الَّتِي تَلُومُ عَلَى مَا فَاتَ وَتَنْدَمُ ، فَتَلُومُ نَفْسَهَا عَلَى الشَّرِّ لِمَ فَعَلَتْهُ ، وَعَلَى الْخَيْرِ لِمَ لَا تَسْتَكْثِرُ مِنْهُ . وَقِيلَ : إِنَّهَا ذَاتُ اللَّوْمِ . وَقِيلَ : إِنَّهَا تَلُومُ نَفْسَهَا بِمَا تَلُومُ عَلَيْهِ غَيْرَهَا ; فَعَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ تَكُونُ اللَّوَّامَةُ بِمَعْنَى اللَّائِمَةِ ، وَهُوَ صِفَةُ مَدْحٍ ; وَعَلَى هَذَا يَجِيءُ الْقَسَمُ بِهَا سَائِغًا حَسَنًا . وَفِي بَعْضِ التَّفْسِيرِ : إِنَّهُ
آدَمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَزَلْ لَائِمًا لِنَفْسِهِ عَلَى مَعْصِيَتِهِ الَّتِي أُخْرِجَ بِهَا مِنَ الْجَنَّةِ . وَقِيلَ : اللَّوَّامَةُ بِمَعْنَى الْمَلُومَةِ الْمَذْمُومَةِ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا - فَهِيَ صِفَةُ ذَمٍّ وَهُوَ قَوْلُ مَنْ نَفَى أَنْ يَكُونَ قَسَمًا ; إِذْ لَيْسَ لِلْعَاصِي خَطَرٌ يُقْسَمُ بِهِ ،
[ ص: 86 ] فَهِيَ كَثِيرَةُ اللَّوْمِ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : هِيَ نَفْسُ الْكَافِرِ يَلُومُ نَفْسَهُ ، وَيَتَحَسَّرُ فِي الْآخِرَةِ عَلَى مَا فَرَّطَ فِي جَنْبِ اللَّهِ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : لَيْسَ مِنْ نَفْسٍ مُحْسِنَةٍ أَوْ مُسِيئَةٍ إِلَّا وَهِيَ تَلُومُ نَفْسَهَا ; فَالْمُحْسِنُ يَلُومُ نَفْسَهُ أَنْ لَوْ كَانَ ازْدَادَ إِحْسَانًا ، وَالْمُسِيءُ يَلُومُ نَفْسَهُ أَلَّا يَكُونَ ارْعَوَى عَنْ إِسَاءَتِهِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ فَنُعِيدَهَا خَلْقًا جَدِيدًا بَعْدَ أَنْ صَارَتْ رُفَاتًا .
قَالَ
الزَّجَّاجُ : أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَبِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ : لَيَجْمَعَنَّ الْعِظَامَ لِلْبَعْثِ ، فَهَذَا جَوَابُ الْقَسَمِ .
وَقَالَ
النَّحَّاسُ : جَوَابُ الْقَسَمِ مَحْذُوفٌ أَيْ لَتُبْعَثُنَّ ; وَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ لِلْإِحْيَاءِ وَالْبَعْثِ . وَالْإِنْسَانُ هُنَا الْكَافِرُ الْمُكَذِّبُ لِلْبَعْثِ . الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي
عَدِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : حَدِّثْنِي عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَتَى تَكُونُ ، وَكَيْفَ أَمْرُهَا وَحَالُهَا ؟ فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ ; فَقَالَ : لَوْ عَايَنْتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَمْ أُصَدِّقْكَ يَا
مُحَمَّدُ وَلَمْ أُومِنْ بِهِ ، أَوَيَجْمَعُ اللَّهُ الْعِظَامَ ؟ ! وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : "
اللَّهُمَّ اكْفِنِي جَارَيِ السُّوءِ عَدِيَّ بْنَ رَبِيعَةَ ، وَالْأَخْنَسَ بْنَ شَرِيقٍ " . وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي عَدُوِّ اللَّهِ
أَبِي جَهْلٍ حِينَ أَنْكَرَ الْبَعْثَ بَعْدَ الْمَوْتِ . وَذَكَرَ الْعِظَامَ وَالْمُرَادُ نَفْسُهُ كُلُّهَا ; لِأَنَّ الْعِظَامَ قَالَبُ الْخَلْقِ .
بَلَى وَقْفٌ حَسَنٌ ثُمَّ تَبْتَدِئُ ( قَادِرِينَ ) . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهَ : عَلَى مَعْنَى نَجْمَعُهَا قَادِرِينَ ، فَ ( قَادِرِينَ ) حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ الْمُضْمَرِ فِي الْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ التَّقْدِيرِ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى بَلْ نَقْدِرُ قَادِرِينَ . قَالَ
الْفَرَّاءُ : قَادِرِينَ نَصْبٌ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ نَجْمَعُ أَيْ نَقْدِرُ وَنَقْوَى قَادِرِينَ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ . وَقَالَ أَيْضًا : يَصْلُحُ نَصْبُهُ عَلَى التَّكْرِيرِ أَيْ بَلَى فَلْيَحْسَبْنَا قَادِرِينَ . وَقِيلَ : الْمُضْمَرُ ( كُنَّا ) أَيْ كُنَّا قَادِرِينَ فِي الِابْتِدَاءِ ، وَقَدِ اعْتَرَفَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَابْنُ السَّمَيْقَعِ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بِتَأْوِيلِ نَحْنُ قَادِرُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=4عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ الْبَنَانُ عِنْدَ الْعَرَبِ : الْأَصَابِعُ ، وَاحِدُهَا بَنَانَةٌ ; قَالَ
النَّابِغَةُ :
بِمُخَضَّبٍ رَخْصٍ كَأَنَّ بَنَانَهُ عَنَمٌ يَكَادُ مِنَ اللَّطَافَةِ يُعْقَدُ
وَقَالَ
عَنْتَرَةُ :
وَأَنَّ الْمَوْتَ طَوْعُ يَدِي إِذَا مَا وَصَلْتُ بَنَانَهَا بِالْهِنْدُوَانِي
فَنَبَّهَ بِالْبَنَانِ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ . وَأَيْضًا فَإِنَّهَا أَصْغَرُ الْعِظَامِ ، فَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِذَلِكَ .
قَالَ
الْقُتَبِيُّ وَالزَّجَّاجُ : وَزَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَبْعَثُ الْمَوْتَى وَلَا يَقْدِرُ عَلَى جَمْعِ الْعِظَامِ ; فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُعِيدَ السُّلَامَيَاتِ عَلَى صِغَرِهَا ، وَنُؤَلِّفَ بَيْنَهَا حَتَّى تَسْتَوِيَ ، وَمَنْ قَدَرَ عَلَى هَذَا فَهُوَ عَلَى جَمْعِ الْكِبَارِ أَقْدَرُ .
وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ : الْمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=4عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ أَيْ نَجْعَلَ أَصَابِعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ شَيْئًا وَاحِدًا كَخُفِّ الْبَعِيرِ ، أَوْ كَحَافِرِ الْحِمَارِ ، أَوْ كَظِلْفِ
[ ص: 87 ] الْخِنْزِيرِ ، وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ شَيْئًا ، وَلَكِنَّا فَرَّقْنَا أَصَابِعَهُ حَتَّى يَأْخُذَ بِهَا مَا شَاءَ . وَكَانَ
الْحَسَنُ يَقُولُ : جَعَلَ لَكَ أَصَابِعَ فَأَنْتَ تَبْسُطُهُنَّ ، وَتَقْبِضُهُنَّ بِهِنَّ ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُنَّ فَلَمْ تَتَّقِ الْأَرْضَ إِلَّا بِكَفَّيْكَ . وَقِيلَ : أَيْ نَقْدِرُ أَنْ نُعِيدَ الْإِنْسَانَ فِي هَيْئَةِ الْبَهَائِمِ ، فَكَيْفَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا ; وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=60وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=61عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ .
قُلْتُ : وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِمَسَاقِ الْآيَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
nindex.php?page=treesubj&link=29046قَوْلُهُ تَعَالَى : بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : يَعْنِي الْكَافِرَ يُكَذِّبُ بِمَا أَمَامَهُ مِنَ الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ . وَقَالَهُ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ ; وَدَلِيلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَيْ يَسْأَلُ مَتَى يَكُونُ ! عَلَى وَجْهِ الْإِنْكَارِ وَالتَّكْذِيبِ . فَهُوَ لَا يَقْنَعُ بِمَا هُوَ فِيهِ مِنَ التَّكْذِيبِ ، وَلَكِنْ يَأْثَمُ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ . وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفُجُورَ التَّكْذِيبُ مَا ذَكَرَهُ
الْقُتَبِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَصَدَ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَشَكَا إِلَيْهِ نَقَبَ إِبِلِهِ وَدَبَرَهَا ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى غَيْرِهَا فَلَمْ يَحْمِلْهُ ; فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ :
أَقْسَمَ بِاللَّهِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرْ مَا مَسَّهَا مِنْ نَقَبٍ وَلَا دَبَرْ
فَاغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فَجَرْ
يَعْنِي إِنْ كَانَ كَذَّبَنِي فِيمَا ذَكَرْتُ . وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا : يُعَجِّلُ الْمَعْصِيَةَ وَيُسَوِّفُ التَّوْبَةَ . وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ قَالَ : يَقُولُ سَوْفَ أَتُوبُ وَلَا يَتُوبُ ; فَهُوَ قَدْ أَخْلَفَ فَكَذَبَ . وَهَذَا قَوْلُ
مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيِّ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، يَقُولُ : سَوْفَ أَتُوبُ ، سَوْفَ أَتُوبُ ، حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ عَلَى أَشَرِّ أَحْوَالِهِ .
وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : هُوَ الْأَمَلُ يَقُولُ سَوْفَ أَعِيشُ وَأُصِيبُ مِنَ الدُّنْيَا وَلَا يَذْكُرُ الْمَوْتَ . وَقِيلَ : أَيْ يَعْزِمُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ أَبَدًا وَإِنْ كَانَ لَا يَعِيشُ إِلَّا مُدَّةً قَلِيلَةً . فَالْهَاءُ عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ لِلْإِنْسَانِ . وَقِيلَ : الْهَاءُ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَالْمَعْنَى بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَكْفُرَ بِالْحَقِّ بَيْنَ يَدَيْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَالْفُجُورُ أَصْلُهُ الْمَيْلُ عَنِ الْحَقِّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَيْ مَتَى يَوْمُ الْقِيَامَةِ .