الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل ) في القسم الثاني ، وهو التغرير الفعلي بالتصرية ، أو غيرها ( التصرية ) من صرى الماء في الحوض جمعه وجوز الشافعي رضي الله عنه أن تكون من الصر ، وهو الربط ، واعترضه أبو عبيدة بأنه يلزمه أن يقال : مصررة ، أو مصرورة لا مصراة ، وليس في محله ؛ لأنهم قد يكرهون اجتماع مثلين فيقلبون أحدهما ألفا كما في دساها ؛ إذ أصله دسسها ( حرام ) للنهي الصحيح عنها ، وهي أن تربط أخلاف البهيمة ، أو يترك حلبها مدة قبل بيعها حتى يجتمع اللبن فيتخيل المشتري غزارة لبنها فيزيد في الثمن ، ولا فرق في التحريم بين مريد البيع وغيره ومن قيد بالأول مراده حيث لم يضر البهيمة ( تثبت الخيار ) للمشتري كما في الحديث الصحيح ( على الفور ) كالرد بالعيب ، وقضية كلامه أنه يتخير ، وإن استمر لبنها على ما أشعرت به التصرية ، والذي يتجه خلافه ، وهو ما اقتضاه كلام الروضة وأصلها ، ومن ثم قال أبو حامد : لا وجه للخيار هنا ، وإن نازعه الأذرعي بأن ما كان على خلاف الجبلة لا وثوق بدوامه ، أو تصرت بنفسها أو لنسيان حلبها ، وهو الأوجه من وجهين أطلقاهما ورجحه أيضا الأذرعي وقال : إنه قضية نص الأم ا هـ ويؤيده أن الخيار بالعيب لا فرق فيه بين علم البائع به وعدمه فاندفع ترجيح الحاوي كالغزالي مقابله لعدم التدليس ( وقيل يمتد ) الخيار ، وإن علم بالتصرية ( ثلاثة أيام ) من العقد وقيل من التفرق كما صرح به الحديث ، ومن ثم صححه كثيرون واختاره جمع متأخرون وأجاب الأكثرون بحمل الخبر على الغالب من أن التصرية لا تظهر فيما دون الثلاث لاحتمال إحالة النقص على اختلاف العلف والمأوى مثلا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل ) ( قوله : والذي يتجه خلافه ) جزم به في الروض ( قوله : وهو الأوجه ) اعتمده م ر قال في - [ ص: 390 ] شرح الروض : وقد يؤيد الأول أي : عدم الخيار بما في الإبانة من أنه لا خيار له فيما إذا تجعد شعره بنفسه ويجاب بأن التصرية تعلم غالبا من الحلب كل يوم فالبائع مقصر بخلاف التجعد ا هـ



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل في التصرية ) ( قوله : أو غيرها ) أي : كحبس القناة إلى آخر ما يأتي ( قوله : وليس في محله ) أي : وعليه فيكون أصل مصراة مصررة أبدلوا من الراء الأخيرة ألفا كراهة اجتماع الأمثال ا هـ ع ش ( قوله : ألفا ) الأولى ياء ، قول المتن ( حرام ) قال سم على المنهج وينبغي أن يكون كبيرة لقوله صلى الله عليه وسلم { من غشنا فليس منا } انتهى قال حج في الزواجر : الكبيرة الثالثة والتسعون بعد المائة : الغش في البيع وغيره كالتصرية ثم قال : وضابط الغش المحرم أن يعلم ذو السلعة من نحو بائع ، أو مشتر فيها شيئا لو اطلع عليه مريد أخذها ما أخذها بذلك المقابل فيجب عليه أن يعلمه به ليدخل في أخذه على بصيرة ويؤخذ من حديث واثلة وغيره ما صرح به أصحابنا أنه يجب أيضا على أجنبي علم بالسلعة عيبا أن يخبر به مريد أخذها ، وإن لم يسأله عنها كما يجب عليه إذا رأى إنسانا يخطب امرأة بها ، أو به عيبا ، أو رأى إنسانا يريد أن يخالط آخر لمعاملة ، أو صداقة أو قراءة نحو علم وعلم بأحدهما عيبا أن يخبر به ، وإن لم يستشر به ، كل ذلك أداء للنصيحة المتأكد وجوبها لخاصة المسلمين وعامتهم انتهى ا هـ ع ش عبارة المغني يجب على البائع أن يعلم المشتري بالعيب ، ولو حدث بعد البيع وقبل القبض فإنه من ضمانه بل وعلى غير البائع إذا علم بالعيب أن يبينه لمن يشتريه سواء أكان المشتري مسلما أم كافرا ؛ لأنه من باب النصح وكالعيب في ذلك كل ما يكون تدليسا ا هـ قال السيد عمر يتردد النظر فيما لو صراها أجنبي عند إرادة المالك البيع من غير مواطأة بينهما فهل يحرم عليه ؛ لأنه إضرار بالمشتري وتدليس ؟ الأقرب نعم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : للنهي ) إلى قوله : ويتعين في النهاية والمغني إلا قوله : وقيل من التفرق ، وقوله : أو غيره إلى المتن ( قوله : غزارة لبنها ) أي : كثرته ( قوله : بين مريد البيع وغيره ) حاصله أنه عند إرادة البيع يحرم ، وإن لم يصل إلى حد الإضرار لوجود التدليس وعند انتفائها لا بد في التحريم من الضرر ا هـ سيد عمر ( قوله : ومن قيد بالأول ) كهو فيما مر له في تعريفها ا هـ رشيدي ( قوله : للمشتري ) أي : حيث كان جاهلا بحالها ثم علم بها بعد ذلك نهاية ومغني قال ع ش قوله : حيث كان جاهلا خرج به العالم فلا خيار له ، وعليه فلو ظنها مصراة فبانت كذلك ثبت له الخيار على ما مر فيمن اشترى أمة ظنها هو وبائعها زانية فبانت كذلك وقوله : بحالها أي : وكانت لا تظهر لغالب الناس أنها متروكة الحلب قصدا فإن كانت كذلك فلا خيار أخذا مما يأتي له في تحمير الوجه ، ولا يكفي في سقوط الخيار ما اعتيد من الغالب على مريد البيع لذات اللبن ترك حلبها مدة قبل البيع أخذا مما تقدم في شرح وسرقة وإباق من أن الشراء مع ظن العيب لا يسقط الرد ا هـ ع ش ( قوله : وإن استمر لبنها ) أي : دام مدة يغلب بها على الظن أن كثرة اللبن صارت طبيعة لها ، أما لو در نحو يومين ثم انقطع لم يسقط الخيار لظهور أن اللبن في ذينك لعارض فلا اعتبار به ا هـ ع ش ( قوله : والذي يتجه إلخ ) جزم في الروض ا هـ سم ( قوله : وهو ) أي : خلافه ( قوله : هنا ) أي : عند الاستمرار ( قوله : أو تصرت بنفسها إلخ ) عطف على قوله استمر لبنها ففي كلام المصنف استخدام ( قوله : أو بنسيان إلخ ) أي : أو شغل ا هـ نهاية ( قوله : كما صرح به ) أي : بامتداده ثلاثة أيام ( قوله : الحديث ) هو - [ ص: 390 ] حديث مسلم { من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام فإن ردها رد معها صاع تمر لا سمراء } انتهى محلي ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية