الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                اللاحقة الثالثة : فوات الحج ، وفي ( الكتاب ) : يجب على كل من فاته الحج أن يتم على عمل العمرة بالإهلال الأول ، ولا يسمي لها إهلالا ، ويقطع التلبية أوائل الحرم ، ولا ينتظر قابلا إلا أن يشاء ما لم يدخل مكة فليطف ، وليسع ولا يثبت على إحرامه ، ويقضي حجه قابلا ويهدي ، قال سند : يريد أنه يكره له البقاء على الإحرام خشية ارتكاب المحظورات ؛ ولأنه إحرام بالحج قبل ميقاته الزماني بسنة ، وهو مكروه في اليسير ، وإذا بقي على إحرامه : فروى ابن القاسم : لا هدي عليه ، وروى أشهب : عليه ، استحبابا لمخالفته سنة من فاته الحج ، وإذا تحلل بعمرة فلا هدي عليه عند ( ح ) وفي ( الكتاب ) : إذا أراد أن يطوف ويسعى قبل أشهر الحج من قابل ، بحج قابل قال : أخاف أن لا يجزئه قبل خوفه ، قال سند : لاختلاف الناس في إجزاء السعي قبل أشهر الحج على الحج ، وقيل : لم يكن كذلك ; لأنه قال في ( الكتاب ) : إذا قرن وسعى قبل أشهر الحج أجزأه لحجه ، وإنما كرهه ههنا ; لأن هذا السعي شأنه أن يكون لعمرة التحلل ، ويكره جعله ركنا ; لأن الطواف والسعي لم يتعينا بعد ; لأنه لو شاء أن يتحلل بعد ذلك تحلل بعمرة ، وعنده له التحلل ما لم تدخل أشهر الحج ، فكان هذا السعي موقوفا ، ليس مجزوما بأنه للحج ، وإذا قلنا بالكراهة فيعيد السعي بعد الإفاضة وفي ( الكتاب ) : يكره لمن فاته الحج [ ص: 296 ] فأقام إلى أشهر الحج من قابل أن يتحلل بعمرة ، فإن فعل أجزأه ، ثم إن حج من عامه لم يكن متمتعا ; لأنه لم يبتدئ العمرة في أشهر الحج ، وإنما هذه رخصة له لقول عمر - رضي الله عنه - لهبار بن الأسود لما فاته الحج : أحل واقض الحج من قابل وأهد ، قال ابن القاسم : إن فسخ حجه في عمرة في أشهر الحج فهو باطل ، وقال أيضا : إن جهل ففعل ثم حج من عامه كان متمتعا ، ولو ثبت على إحرامه بعد دخوله مكة حتى حج به قابلا أجزأه عن حجة الإسلام ، ومن فاته الحج فوطئ أو تطيب فعليه ما على المحرمين ، وعليه هدي الفوات وهدي الفساد في حجة القضاء ، ويفعل غير ذلك متى شاء ، قال سند : روي عن ابن القاسم في القارن يجامع ثم يفوته الحج : عليه أربع هدايا لفواته ؛ ولأنه صار إلى عمل العمرة ، فكأنه وطئ فيها ، ولقرانه ولقضائه ، وروي عنه : ثلاثة هدايا ، فإن نحر هدي الفوات والفساد قبل القضاء : قال ابن القاسم : يجزئه ; لأنه لو مات قبل ذلك أهدي عنه ، وهو يدل على تقدم الوجوب ، وإنما التأخير مستحب ، وقال أصبغ : لا يجزئه وفي ( الكتاب ) : من فاته حج مفرد أو أفسد حجا مفردا لا يقضي قارنا لتعين الإفراد بالإحرام ، فإن فعل لم يجزئه ، ومن فاته قارنا لا يقضي الحج وحده والعمرة وحدها ، بل قارنا ، خلافا ل ( ش ) وابن حنبل ; لتعذر القران بالإحرام ، قال سند : قال ابن أبي زيد : إن أفسد القارن حجه فعليه في الحج الفاسد هدي واحد ، وفي حجة القضاء هديان ، وقال ابن أبي زيد : إن أفسد القارن فقضاه مفردا لم يجزئه ، وعليه دم القران ودم التمتع ، ويقضي قارنا ويهدي في القضاء هديين ، قال سند : قال بعض المتأخرين منا : إذا أفسد القران بعد الطواف والسعي أو فاته فتحلل يقضي مفردا ; لأنه إنما فاته الحج وحده ، وقد فرغت [ ص: 297 ] عمرته بفراغ سعيه ، قال : وهو غلط لعدم تميز فعل العمرة في القران ، ولو كان كما قال لوجب الهدي لتأخير الحلاق ، ولو تمتع ففسد حجه فقضى قابلا ، قال في ( الموازية ) : عليه هديان للمتعة والفساد ، يعجل هدي المتعة ويؤخر هدي الفساد إلى القضاء . وقال عبد الملك : يقضي الحج والعمرة قابلا ، قال : والأول أبين ; لأن المتعة نسكان مفترقان فلو تمتع ففاته الحج ، قالابن القاسم : يسقط عنه دم المتعة .

                                                                                                                وفي ( الجلاب ) : من فاته الوقوف بعرفة فقد فاته الحج ، وليس عليه عمل ما بقي من المناسك بعد الوقوف بعرفة ، ومن قدم مكة فطاف وسعى عند قدومه ثم مرض فتأخر حتى فاته الوقوف لم يجزئه طوافه وسعيه أولا عن تحلله .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية