الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
حدثني عن مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=708690أن رجلا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابه جرح فاحتقن الجرح الدم وأن الرجل دعا رجلين من بني أنمار فنظرا إليه فزعما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما أيكما أطب فقالا أو في الطب خير يا رسول الله فزعم nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=treesubj&link=17257_17445أنزل الدواء الذي أنزل الأدواء
1757 1708 - ( مالك عن زيد بن أسلم ) مرسل عند جميع الرواة ، ( أن رجلا في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابه جرح ) - بضم الجيم - ( فاحتقن ) ، أي احتبس الجرح ( الدم ) ، قال الباجي : أي فاض وخيف عليه منه ، ( وأن الرجل دعا رجلين من بني أنمار ) - بفتح الهمزة ، وإسكان النون ، وميم - بطن من العرب ، ( فنظرا إليه فزعما ) ، أي قالا : ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهما : أيكما أطب ؟ ) ، أي أعلم بالطب ( فقالا : أوفي الطب خير ) ، مثلث الطاء : علاج الجسم ، والنفس كما في القاموس ، ( يا رسول الله ؟ فزعم ) ، أي قال ( زيد ) بن أسلم : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10354320أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أنزل الدواء ) : ما يتداوى به ( الذي أنزل الأدواء ) ، جمع داء ، وهو المرض ، أي الأمراض ، وهو الله سبحانه ، واختلف في معنى الإنزال ، فقيل : إعلامه عباده به ، ومنع بأنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر بعموم الإنزال لكل داء ، ودوائه ، وأكثر الخلق لا يعلمون ذلك ، كما صرح به في حديث ابن مسعود عند النسائي بقوله : علمه من علمه ، وجهله من جهله .
وقيل : إنزالهما إنزال الملائكة الموكلين [ ص: 520 ] بمباشرة مخلوقات الأرض ، فأنزل معهم الداء والدواء ، فيخبرون بذلك النبي مثلا ، أو إلهام لغيره ، وقيل : عامة الأدواء والأدوية بواسطة إنزال الغيث الذي تتولد منه الأغذية والأدوية وغيرهما ، وهذا من تمام لطف الرب بخلقه ، فكما ابتلاهم بالأدواء أعانهم عليها بالأدوية ، وكما ابتلاهم بالذنوب أعانهم عليها بالتوبة والحسنات الماحية .
وفي الفردوس عن علي مرفوعا : " لكل داء دواء ، وداء الذنوب الاستغفار " ، وقال أبو عمر : فيه إباحة nindex.php?page=treesubj&link=17257التداوي ، وإتيان الطبيب إلى العليل ، وأن الله هو الممرض والشافي ، وأنه أنزل الأمرين ، ولذا ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يرقي ، ويقول : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354322اشف أنت الشافي يا رب لا شفاء إلا شفاؤك ، اشف شفاء لا يغادر سقما " ، وهذا يصحح أن المعالجة إنما هي لتطبيب نفس العليل ، وأنسه للعلاج ، ورجاء أنه من أسباب الشفاء كالتسبب بطلب الرزق المفروغ منه ، وفيه أن البرء ليس في وسع مخلوق تعجيله قبل حينه ، وقد رأينا الأطباء يعالج أحدهم اثنين علتهما واحدة في زمن واحد ، وسن واحد ، وبلد واحد ، وربما كانا توأمين فيعالجهما بعلاج واحد ، فيصح أحدهما ، ويموت الآخر ، أو تطول علته ، ثم يصح عند الأمد المعدود له ، انتهى .
ثم حديث مالك ، وإن كان مرسلا ، لكن شواهده كثيرة صحيحة مسندة كحديث البخاري ، وغيره عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354323ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء " ، وفي مسلم عن جابر رفعه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354324لكل داء دواء ، فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله " ، ولأحمد ، والبخاري في الأدب المفرد ، وصححه الترمذي ، وابن خزيمة ، والحاكم عن أسامة بن شريك رفعه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354325تداووا يا عباد الله ، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء ، إلا داء واحدا : الهرم " ، وفي لفظ : " إلا السام " بمهملة مخففا ، أي الموت ، فبين أنه لا دواء له ، فيخص به عموم الحديث ، وزعم أن المراد دواؤه الطاعة ليس شيء ، لأنها دواء للمرض المعنوي كعجب وكبر ، لا الموت .
وفي قوله : " بإذن الله " إشارة إلى أنه لا يبرأ بالدواء إذا لم يأذن الله ، بل قد ينقلب داء .