الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              2213 12 - باب في الظهار

                                                              181 \ 1126 - عن سليمان بن يسار، عن سلمة بن صخر البياضي ، قال : كنت امرأ أصيب من النساء ما لا يصيب غيري، فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب من امرأتي شيئا يتايع بي حتى أصبح، فظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان، فبينا هي تخدمني ذات ليلة، إذ تكشف لي منها شيء، فلم ألبث أن نزوت عليها، فلما أصبحت خرجت إلى قومي، فأخبرتهم الخبر، وقلت : امشوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : لا والله، فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال : أنت بذاك يا سلمة؟ قلت : أنا بذاك يا رسول الله، مرتين، وأنا صابر لأمر الله عز وجل، فاحكم في ما أراك الله، قال : "حرر رقبة"، قلت : والذي بعثك بالحق ما أملك رقبة غيرها، وضربت صفحة رقبتي، قال : فصم شهرين متتابعين، قال : وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام؟ قال : فأطعم وسقا من تمر بين ستين مسكينا، قلت : والذي بعثك بالحق لقد بتنا وحشين ما لنا طعام، قال فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق، فليدفعها إليك، فأطعم ستين مسكينا وسقا من تمر، وكل أنت وعيالك بقيتها. فرجعت إلى قومي، فقلت : وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي، ووجدت عند النبي صلى الله عليه وسلم السعة وحسن الرأي، وقد أمرني، أو أمر لي بصدقتكم .

                                                              وأخرجه الترمذي وابن ماجه . وقال الترمذي: وهذا حديث حسن. وقال [ ص: 543 ] محمد - يعني البخاري - : سليمان بن يسار لم يسمع عندي من سلمة بن صخر.

                                                              وقال البخاري أيضا: هو مرسل، سليمان بن يسار لم يدرك سلمة بن صخر. هذا آخر كلامه. وفي إسناده محمد بن إسحاق، وقد تقدم الكلام عليه.

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: قد ورد في هذه الكفارة "أنه أمره بإطعام وسق، والوسق ستون صاعا " وهو أكثر ما قيل فيه، وذهب إليه سفيان الثوري وأصحاب الرأي، مع قولهم: إن الصاع ثمانية أرطال بالعراقي.

                                                              وورد فيها: أنه أمر امرأة أوس بن الصامت أن تكفر عنه بالعرق الذي دفعه إليها، والعرق الذي أعانته به.

                                                              واختلف في مقدار ذلك العرق: فقيل: ستون صاعا، وهو وهم، وقيل: ثلاثون، هو الذي رجحه أبو داود، على حديث يحيى بن آدم، وقيل: خمسة عشر، فيكون العرقان ثلاثين صاعا، لكل مسكين نصف صاع، وإلى هذا ذهب الإمام أحمد ومالك.

                                                              وفي الرواية الأخرى: أن التمر الذي أمره أن يتصدق به كان زنبيلا من خمسة عشر صاعا، وإلى هذا ذهب الشافعي وعطاء والأوزاعي، وروي عن أبي هريرة، فيكون لكل مسكين مد، وهو مقدار سدس ما يوجبه أهل الرأي، فإنهم يوجبون صاعا، وهو ثمانية أرطال، فيوجبون زيادة على ما يوجبه هؤلاء ست مرات.

                                                              [ ص: 544 ] وأخذ الشافعي ذلك من حديث المجامع في رمضان، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بعرق فيه خمسة عشر صاعا، فقال: خذه وتصدق به ، وسيأتي إن شاء الله تعالى.

                                                              ثم اختلفوا في البر: هل هو على النصف من ذلك أم هو وغيره سواء ؟ فقال الشافعي: مد من الجميع، وقال مالك: مدان من الجميع، وقال أحمد وأبو حنيفة: البر على النصف من غيره، على أصلهما، فعند أحمد مد من بر، أو نصف صاع من غيره، وعند أبي حنيفة مدان من بر، أو نصف صاع من غيره على اختلافهما في الصاع.




                                                              الخدمات العلمية