nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=33nindex.php?page=treesubj&link=28783_28782_19974_31747_32445_32413_30452_20072_30336_30337_30340_30347_32024_29284_30549_28977قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=34ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبإ المرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=36إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=39والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم
في هذه الموجة من موجات السياق المتدفق في السورة ، يتجه الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطيب الله - سبحانه - خاطره في أوله ، مما يلاقيه من تكذيب قومه له ، وهو الصادق الأمين ، فإنهم لا يظنون به الكذب ، إنما هم مصرون على الجحود بآيات الله وعدم الاعتراف بها وعدم الإيمان ، لأمر آخر غير ظنهم به الكذب ! كما يواسيه بما وقع لإخوانه الرسل قبله من التكذيب والأذى ، وما وقع منهم من الصبر والاحتمال ، ثم ما انتهى إليه أمرهم من نصر الله لهم . وفق سنته التي لا تتبدل . . حتى إذا انتهى من المواساة والتسرية والتطمين ، التفت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرر له الحقيقة الكبرى في شأن هذه الدعوة . . إنها تجري بقدر الله وفق سنته ، وليس للداعية فيها إلا التبليغ والبيان . . إن الله هو الذي يتصرف في الأمر كله ، فليس على الداعية إلا أن يمضي وفق هذا الأمر ، لا يستعجل خطوة ولا يقترح على الله شيئا . حتى ولو كان هو
[ ص: 1074 ] النبي الرسول ! ولا يستمع إلى مقترحات المكذبين - ولا الناس عامة - في منهج الدعوة ، ولا في اقتراح براهين وآيات معينة عليه . . والأحياء الذين يسمعون سيستجيبون ، أما موتى القلوب فهم موتى لا يستجيبون ، والأمر إلى الله إن شاء أحياهم وإن شاء أبقاهم موتى حتى يرجعوا إليه يوم القيامة .
وهم يطلبون آية خارقة على نحو ما كان يقع للأقوام من قبلهم ، والله قادر على أن ينزل آية . ولكنه سبحانه لا يريد - لحكمة يراها - فإذا كبر على الرسول إعراضهم فليحاول هو إذن بجهده البشري أن يأتيهم بآية ! . . إن الله - سبحانه - هو خالق الخلائق جميعا ، وعنده أسرار خلقهم ، وحكمة اختلاف خصائصهم وطباعهم . وهو يترك المكذبين من البشر صما وبكما في الظلمات ، ويضل من يشاء ويهدي من يشاء وفق ما يعلمه من حكمة الخلق والتنويع . .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=33قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون. فإنهم لا يكذبونك. ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون . .
إن مشركي
العرب في جاهليتهم - وخاصة تلك الطبقة التي كانت تتصدى للدعوة من
قريش - لم يكونوا يشكون في صدق
محمد - صلى الله عليه وسلم - فلقد عرفوه صادقا أمينا ، ولم يعلموا عنه كذبة واحدة في حياته الطويلة بينهم قبل الرسالة ، كذلك لم تكن تلك الطبقة التي تتزعم المعارضة لدعوته تشك في صدق رسالته ، وفي أن هذا القرآن ليس من كلام البشر ، ولا يملك البشر أن يأتوا بمثله . .
ولكنهم - على الرغم من ذلك - كانوا يرفضون إظهار التصديق ، ويرفضون الدخول في الدين الجديد ! إنهم لم يرفضوا لأنهم يكذبون النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن لأن في دعوته خطرا على نفوذهم ومكانتهم . . وهذا هو السبب الذي من أجله قرروا الجحود بآيات الله ، والبقاء على الشرك الذي كانوا فيه . .
والأخبار التي تقرر الأسباب الحقيقية لموقف
قريش هذا وحقيقة ظنهم بهذا القرآن كثيرة :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12300محمد بن مسلم بن شهاب الزهري : أنه حدث ،
أن nindex.php?page=showalam&ids=12026أبا سفيان بن حرب ، وأبا جهل بن هشام ، والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي ، حليف بني زهرة ، خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي من الليل في بيته فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه . وكل لا يعلم بمكان صاحبه . فباتوا يستمعون له ، حتى إذا طلع الصبح تفرقوا ، فجمعهم الطريق ، فتلاوموا ، وقال بعضهم لبعض : لا تعودوا فلو رآكم بعض سفهائهم لأوقعتم في نفسه شيئا . ثم انصرفوا . حتى إذا كانت الليلة الثانية عاد كل رجل منهم إلى مجلسه ، فباتوا يستمعون له ، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعهم الطريق ، فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة . ثم انصرفوا . حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه ، فباتوا يستمعون له . حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعهم الطريق ، فقال بعضهم لبعض : لا نبرح حتى نتعاهد ألا نعود . فتعاهدوا على ذلك . . ثم تفرقوا . . فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ، ثم خرج حتى أتى nindex.php?page=showalam&ids=12026أبا سفيان بن حرب في بيته ، فقال : أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد ؟ قال : يا أبا ثعلبة ، والله لقد سمعت أشياء أعرفها ، وأعرف ما يراد بها ، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها . قال الأخنس : وأنا والذي حلفت به . ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل ، فدخل عليه في بيته ، فقال : يا أبا الحكم ، ما رأيك فيما سمعت من محمد ؟ قال : ماذا سمعت ؟ قال : تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف . . أطعموا فأطعمنا ، وحملوا فحملنا ، وأعطوا فأعطينا ، حتى إذا تجاثينا على الركب ، وكنا كفرسي رهان ، قالوا : منا نبي يأتيه الوحي من السماء ، فمتى ندرك هذه ؟ والله لا نؤمن به أبدا ولا [ ص: 1075 ] نصدقه ! قال : فقام عنه الأخنس وتركه . .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير من طريق
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي - في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=33قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك، ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون . . لما كان يوم
بدر ، قال
الأخنس بن شريق لبني زهرة : يا
بني زهرة إن
محمدا ابن أختكم ، فأنتم أحق من ذب عن ابن أخته ، فإن كان نبيا لم تقاتلوه اليوم ، وإن كان كاذبا كنتم أحق من كف عن ابن أخته . قفوا حتى ألقى
أبا الحكم ، فإن غلب
محمد رجعتم سالمين ، وإن غلب
محمد فإن قومكم لن يصنعوا بكم شيئا - فيومئذ سمي
الأخنس وكان اسمه
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي - فالتقى
الأخنس بأبي جهل ، فخلا به ، فقال : يا
أبا الحكم أخبرني عن
محمد : أصادق هو أم كاذب ؟ فإنه ليس ها هنا من
قريش غيري وغيرك يستمع كلامنا ! فقال
أبو جهل : ويحك ! والله إن
محمدا لصادق ، وما كذب
محمد قط ، ولكن إذا ذهب
بنو قصي باللواء والسقاية والحجابة والنبوة ، فماذا يكون لسائر
قريش ؟ فذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=33فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون . .
ونلاحظ : أن السورة مكية ، وهذه الآية مكية لا شك في ذلك ; بينما الحادثة المذكورة كانت في
المدينة يوم
بدر . . ولكن إذا عرفنا أنهم كانوا يقولون أحيانا عن آية ما : "فذلك قوله : كذا . . " ويقرنون إليها حادثا ما لا للنص على أنها نزلت بسبب الحادث الذي يذكرونه ; ولكن بسبب انطباق مدلولها على الحادث ، بغض النظر عما إذا كان سابقا أو لاحقا . . فإننا لا نستغرب هذه الرواية . .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : حدثني
يزيد بن زياد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي ، قال :
حدثت أن عتبة بن ربيعة - وكان سيدا - قال يوما وهو جالس في نادي قريش ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس في المسجد وحده : يا معشر قريش ، ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورا لعله أن يقبل بعضها ، فنعطيه أيها شاء ويكف عنا ؟ وذلك حين أسلم nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة رضي الله عنه ، ورأوا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيدون ويكثرون فقالوا : بلى يا أبا الوليد فقم إليه فكلمه . فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا ابن أخي . إنك منا حيث علمت من البسطة في العشيرة ، والمكان في النسب . وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم ، فرقت به جماعتهم ، وسفهت أحلامهم ، وعبت به آلهتهم ودينهم ، وكفرت به من مضى من آبائهم . فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها ، لعلك تقبل منها بعضها . قال : فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "قل : يا أبا الوليد أسمع " قال : يا ابن أخي ، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا ، وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك ، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا ، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الأطباء ، وبذلنا فيها أموالنا حتى نبرئك منه ، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه . . أو كما قال . . حتى إذا فرغ عتبة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستمع منه ; قال : "أفرغت يا أبا الوليد ؟ " قال : نعم . قال : "فاستمع مني " . قال : أفعل . قال : بسم الله الرحمن الرحيم : nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=2تنزيل من الرحمن الرحيم nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=4بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون ... ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها وهو يقرؤها عليه . فلما سمع عتبة أنصت لها ، وألقى يديه خلف ظهره ، معتمدا عليهما ، يستمع منه ، حتى انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى السجدة منها فسجد . ثم قال : "قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت ، فأنت وذاك " . . فقام عتبة إلى أصحابه . فقال بعضهم لبعض : نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد [ ص: 1076 ] بغير الوجه الذي ذهب به ! فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟ قال : ورائي أني سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط . والله ما هو بالسحر ، ولا بالشعر ، ولا بالكهانة . يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها لي . . خلوا بين الرجل وما هو فيه ، فاعتزلوه ، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ ، فإن تصبه العرب كفيتموه بغيركم ، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم ، وعزه عزكم ، وكنتم أسعد الناس به . . قالوا : سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه ! قال : هذا رأيي فاصنعوا ما بدا لكم !
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=13889البغوي في تفسيره حديثا - بإسناده - عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -
nindex.php?page=hadith&LINKID=104886أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضى في قراءته إلى قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=13فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود.. فأمسك عتبة على فيه ، وناشده الرحم ، ورجع إلى أهله ، ولم يخرج إلى قريش ، واحتبس عنهم . . . إلى آخره . . . ثم لما حدثوه في هذا قال : فأمسكت بفيه ، وناشدته الرحم أن يكف . وقد علمتم أن محمدا إذا قال شيئا لم يكذب فخشيت أن ينزل بكم العذاب . .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : إن
الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من
قريش - وكان ذا سن فيهم - وقد حضر الموسم . فقال لهم : يا معشر
قريش ، إنه قد حضر هذا الموسم ، وإن وفود
العرب ستقدم عليكم فيه ، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فاجمعوا فيه رأيا واحدا ، ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ، ويرد قولكم بعضه بعضا . قالوا : فأنت يا
أبا عبد شمس فقل ، وأقم لنا رأيا نقل به . قال : بل أنتم فقولوا ; أسمع . قالوا : نقول كاهن ! قال : لا والله ما هو بكاهن ، لقد رأينا الكهان ، فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه ! قالوا : فنقول مجنون ! قال : ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون وعرفناه ، فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته ! قالوا : فنقول شاعر ! قال : ما هو بشاعر ، لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه ، فما هو بالشعر ! قالوا : فنقول ساحر ! قال : ما هو بساحر ، لقد رأينا السحار وسحرهم ، فما هو بنفثهم ولا عقدهم ! قالوا : فما نقول يا
أبا عبد شمس ؟ قال : والله إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لعذق ، وإن فرعه لجناة ، وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل ! وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا : هو ساحر ، جاء بقول هو سحر ، يفرق به بين المرء وأبيه ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وزوجته ، وبين المرء وعشيرته . . فتفرقوا عنه بذلك . فجعلوا يجلسون بسبل الناس - حين قدموا الموسم - لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه ، وذكروا له أمره !
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : حدثنا
ابن عبد الأعلى ، حدثنا
محمد بن ثورة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ، عن
عبادة بن منصور ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة :
أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرأ عليه القرآن ، فكأنه رق له . فبلغ ذلك أبا جهل بن هشام . فأتاه فقال له : أي عم ! إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ! قال : لم ؟ قال : يعطونكه ، فإنك أتيت محمدا تتعرض لما قبله ! (يريد الخبيث أن يثير كبرياءه من الناحية التي يعرف أنه أشد بها اعتزازا ! ) قال : قد علمت قريش أني أكثرها مالا ! قال : فقل فيه قولا يعلم قومك أنك منكر لما قال ، وأنك كاره له قال : فماذا أقول فيه ؟ فوالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني ، ولا أعلم برجزه ولا بقصيده ، ولا بأشعار الجن ! والله ما يشبه الذي يقوله شيئا من هذا . والله إن لقوله الذي يقوله لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإنه ليحطم ما تحته ، وإنه ليعلو وما يعلى . قال : والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه . . قال : فدعني حتى أفكر فيه . . فلما فكر قال : إن هذا إلا سحر يؤثر . يؤثره عن غيره . [ ص: 1077 ] فنزلت : nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=11ذرني ومن خلقت وحيدا.. حتى بلغ: nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=30عليها تسعة عشر .
وفي رواية أخرى أن
قريشا قالت : لئن صبأ
الوليد لتصبون
قريش كلها ! فقال
أبو جهل : أنا أكفيكموه ! ثم دخل عليه . . وأنه قال - بعد التفكير الطويل - إنه سحر يؤثر . أما ترون أنه يفرق بين المرء وأهله وولده ومواليه .
فهذه الروايات كلها تبين أن هؤلاء المكذبين لم يكونوا يعتقدون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكذبهم فيما يبلغه لهم . وإنما هم كانوا مصرين على شركهم لمثل هذه الأسباب التي وردت بها الروايات ، وما وراءها من السبب الرئيسي ، وهو ما يتوقعونه من وراء هذه الدعوة من سلب السلطان المغتصب ، الذي يزاولونه ، وهو سلطان الله وحده . كما هو مدلول شهادة أن لا إله إلا الله التي يقوم عليها الإسلام . وهم كانوا يعرفون جيدا مدلولات لغتهم ; وكانوا لا يريدون أن يسلموا بمدلول هذه الشهادة . وهو إنما يمثل ثورة كاملة على كل سلطان غير سلطان الله في حياة العباد . . وصدق الله العظيم :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=33قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون. فإنهم لا يكذبونك، ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون . .
والظالمون في هذا الموضع هم المشركون . كما يغلب في التعبير القرآني الكريم .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=33nindex.php?page=treesubj&link=28783_28782_19974_31747_32445_32413_30452_20072_30336_30337_30340_30347_32024_29284_30549_28977قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=34وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=36إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=39وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأِ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
فِي هَذِهِ الْمَوْجَةِ مِنْ مَوْجَاتِ السِّيَاقِ الْمُتَدَفِّقِ فِي السُّورَةِ ، يَتَّجِهُ الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُطَيِّبُ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - خَاطِرَهُ فِي أَوَّلِهِ ، مِمَّا يُلَاقِيهِ مِنْ تَكْذِيبِ قَوْمِهِ لَهُ ، وَهُوَ الصَّادِقُ الْأَمِينُ ، فَإِنَّهُمْ لَا يَظُنُّونَ بِهِ الْكَذِبَ ، إِنَّمَا هُمْ مُصِرُّونَ عَلَى الْجُحُودِ بِآيَاتِ اللَّهِ وَعَدَمِ الِاعْتِرَافِ بِهَا وَعَدَمِ الْإِيمَانِ ، لِأَمْرٍ آخَرَ غَيْرَ ظَنِّهِمْ بِهِ الْكَذِبَ ! كَمَا يُوَاسِيهِ بِمَا وَقَعَ لِإِخْوَانِهِ الرُّسُلِ قَبْلَهُ مِنَ التَّكْذِيبِ وَالْأَذَى ، وَمَا وَقَعَ مِنْهُمْ مَنِ الصَّبْرِ وَالِاحْتِمَالِ ، ثُمَّ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ أَمْرُهُمْ مِنْ نَصْرِ اللَّهِ لَهُمْ . وَفْقَ سُنَّتِهِ الَّتِي لَا تَتَبَدَّلُ . . حَتَّى إِذَا انْتَهَى مِنَ الْمُوَاسَاةِ وَالتَّسْرِيَةِ وَالتَّطْمِينِ ، الْتَفَتَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَرِّرُ لَهُ الْحَقِيقَةَ الْكُبْرَى فِي شَأْنِ هَذِهِ الدَّعْوَةِ . . إِنَّهَا تَجْرِي بِقَدَرِ اللَّهِ وَفْقَ سُنَّتِهِ ، وَلَيْسَ لِلدَّاعِيَةِ فِيهَا إِلَّا التَّبْلِيغُ وَالْبَيَانُ . . إِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ ، فَلَيْسَ عَلَى الدَّاعِيَةِ إِلَّا أَنْ يَمْضِيَ وَفْقَ هَذَا الْأَمْرِ ، لَا يَسْتَعْجِلُ خُطْوَةً وَلَا يَقْتَرِحُ عَلَى اللَّهِ شَيْئًا . حَتَّى وَلَوْ كَانَ هُوَ
[ ص: 1074 ] النَّبِيَّ الرَّسُولَ ! وَلَا يَسْتَمِعُ إِلَى مُقْتَرَحَاتِ الْمُكَذِّبِينَ - وَلَا النَّاسِ عَامَّةً - فِي مَنْهَجِ الدَّعْوَةِ ، وَلَا فِي اقْتِرَاحِ بَرَاهِينَ وَآيَاتٍ مُعَيَّنَةٍ عَلَيْهِ . . وَالْأَحْيَاءُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ سَيَسْتَجِيبُونَ ، أَمَّا مَوْتَى الْقُلُوبِ فَهُمْ مَوْتَى لَا يَسْتَجِيبُونَ ، وَالْأَمْرُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ أَحْيَاهُمْ وَإِنْ شَاءَ أَبْقَاهُمْ مَوْتَى حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
وَهُمْ يَطْلُبُونَ آيَةً خَارِقَةً عَلَى نَحْوِ مَا كَانَ يَقَعُ لِلْأَقْوَامٍ مِنْ قَبْلِهِمْ ، وَاللَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً . وَلَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يُرِيدُ - لِحِكْمَةٍ يَرَاهَا - فَإِذَا كَبُرَ عَلَى الرَّسُولِ إِعْرَاضُهُمْ فَلْيُحَاوِلْ هُوَ إِذَنْ بِجُهْدِهِ الْبَشَرِيِّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ ! . . إِنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - هُوَ خَالِقُ الْخَلَائِقِ جَمِيعًا ، وَعِنْدَهُ أَسْرَارُ خَلْقِهِمْ ، وَحِكْمَةُ اخْتِلَافِ خَصَائِصِهِمْ وَطِبَاعِهِمْ . وَهُوَ يَتْرُكُ الْمُكَذِّبِينَ مِنَ الْبَشَرِ صُمًّا وَبُكْمًا فِي الظُّلُمَاتِ ، وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَفْقَ مَا يَعْلَمُهُ مِنْ حِكْمَةِ الْخَلْقِ وَالتَّنْوِيعِ . .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=33قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ. فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ. وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ . .
إِنَّ مُشْرِكِي
الْعَرَبِ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ - وَخَاصَّةً تِلْكَ الطَّبَقَةَ الَّتِي كَانَتْ تَتَصَدَّى لِلدَّعْوَةِ مِنْ
قُرَيْشٍ - لَمْ يَكُونُوا يَشُكُّونَ فِي صِدْقِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَقَدْ عَرَفُوهُ صَادِقًا أَمِينًا ، وَلَمْ يَعْلَمُوا عَنْهُ كِذْبَةً وَاحِدَةً فِي حَيَاتِهِ الطَّوِيلَةِ بَيْنَهُمْ قَبْلَ الرِّسَالَةِ ، كَذَلِكَ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الطَّبَقَةُ الَّتِي تَتَزَعَّمُ الْمُعَارَضَةَ لِدَعْوَتِهِ تَشُكُّ فِي صِدْقِ رِسَالَتِهِ ، وَفِي أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْبَشَرِ ، وَلَا يَمْلِكُ الْبَشَرُ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ . .
وَلَكِنَّهُمْ - عَلَى الرَّغْمِ مِنْ ذَلِكَ - كَانُوا يَرْفُضُونَ إِظْهَارَ التَّصْدِيقِ ، وَيَرْفُضُونَ الدُّخُولَ فِي الدِّينِ الْجَدِيدِ ! إِنَّهُمْ لَمْ يَرْفُضُوا لِأَنَّهُمْ يُكَذِّبُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ لِأَنَّ فِي دَعْوَتِهِ خَطَرًا عَلَى نُفُوذِهِمْ وَمَكَانَتِهِمْ . . وَهَذَا هُوَ السَّبَبُ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قَرَّرُوا الْجُحُودَ بِآيَاتِ اللَّهِ ، وَالْبَقَاءَ عَلَى الشِّرْكِ الَّذِي كَانُوا فِيهِ . .
وَالْأَخْبَارُ الَّتِي تُقَرِّرُ الْأَسْبَابَ الْحَقِيقِيَّةَ لِمَوْقِفِ
قُرَيْشٍ هَذَا وَحَقِيقَةِ ظَنِّهِمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ :
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=12300مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ : أَنَّهُ حُدِّثَ ،
أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=12026أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ ، وَأَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ ، وَالْأَخْنَسَ بْنَ شُرَيْقِ بْنِ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ الثَّقَفِيَّ ، حَلِيفَ بَنِي زُهْرَةَ ، خَرَجُوا لَيْلَةً لِيَسْتَمِعُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فِي بَيْتِهِ فَأَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَجْلِسًا يَسْتَمِعُ فِيهِ . وَكُلٌّ لَا يَعْلَمُ بِمَكَانِ صَاحِبِهِ . فَبَاتُوا يَسْتَمِعُونَ لَهُ ، حَتَّى إِذَا طَلَعَ الصُّبْحُ تَفَرَّقُوا ، فَجَمَعَهُمُ الطَّرِيقُ ، فَتَلَاوَمُوا ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : لَا تَعُودُوا فَلَوْ رَآكُمْ بَعْضُ سُفَهَائِهِمْ لَأَوْقَعْتُمْ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا . ثُمَّ انْصَرَفُوا . حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ عَادَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى مَجْلِسِهِ ، فَبَاتُوا يَسْتَمِعُونَ لَهُ ، حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا ، فَجَمَعَهُمُ الطَّرِيقُ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مِثْلَ مَا قَالُوا أَوَّلَ مَرَّةٍ . ثُمَّ انْصَرَفُوا . حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ أَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَجْلِسَهُ ، فَبَاتُوا يَسْتَمِعُونَ لَهُ . حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا ، فَجَمَعَهُمُ الطَّرِيقُ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : لَا نَبْرَحُ حَتَّى نَتَعَاهَدَ أَلَّا نَعُودَ . فَتَعَاهَدُوا عَلَى ذَلِكَ . . ثُمَّ تَفَرَّقُوا . . فَلَمَّا أَصْبَحَ الْأَخْنَسُ بْنُ شُرَيْقٍ أَخَذَ عَصَاهُ ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى nindex.php?page=showalam&ids=12026أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ فِي بَيْتِهِ ، فَقَالَ : أَخْبِرْنِي يَا أَبَا حَنْظَلَةَ عَنْ رَأْيِكَ فِيمَا سَمِعْتَ مِنْ مُحَمَّدٍ ؟ قَالَ : يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ ، وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ أَشْيَاءَ أَعْرِفُهَا ، وَأَعْرِفُ مَا يُرَادُ بِهَا ، وَسَمِعْتُ أَشْيَاءَ مَا عَرَفْتُ مَعْنَاهَا وَلَا مَا يُرَادُ بِهَا . قَالَ الْأَخْنَسُ : وَأَنَا وَالَّذِي حَلَفْتَ بِهِ . ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى أَتَى أَبَا جَهْلٍ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ ، فَقَالَ : يَا أَبَا الْحَكَمِ ، مَا رَأْيُكَ فِيمَا سَمِعْتَ مِنْ مُحَمَّدٍ ؟ قَالَ : مَاذَا سَمِعْتُ ؟ قَالَ : تَنَازَعْنَا نَحْنُ وَبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ الشَّرَفَ . . أَطْعَمُوا فَأَطْعَمْنَا ، وَحَمَلُوا فَحَمَلْنَا ، وَأَعْطَوْا فَأَعْطَيْنَا ، حَتَّى إِذَا تَجَاثَيْنَا عَلَى الرُّكَبِ ، وَكُنَّا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ ، قَالُوا : مِنَّا نَبِيٌّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنَ السَّمَاءِ ، فَمَتَى نُدْرِكُ هَذِهِ ؟ وَاللَّهِ لَا نُؤْمِنُ بِهِ أَبَدًا وَلَا [ ص: 1075 ] نُصَدِّقُهُ ! قَالَ : فَقَامَ عَنْهُ الْأَخْنَسُ وَتَرَكَهُ . .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ
أَسْبَاطٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ - فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=33قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ، وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ . . لَمَّا كَانَ يَوْمُ
بَدْرٍ ، قَالَ
الْأَخْنَسُ بْنُ شُرَيْقٍ لِبَنِي زُهْرَةَ : يَا
بَنِي زُهْرَةَ إِنَّ
مُحَمَّدًا ابْنُ أُخْتِكُمْ ، فَأَنْتُمْ أَحَقُّ مَنْ ذَبَّ عَنِ ابْنِ أُخْتِهِ ، فَإِنْ كَانَ نَبِيًّا لَمْ تُقَاتِلُوهُ الْيَوْمَ ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا كُنْتُمْ أَحَقَّ مَنْ كَفَّ عَنِ ابْنِ أُخْتِهِ . قِفُوا حَتَّى أَلْقَى
أَبَا الْحَكَمِ ، فَإِنْ غَلَبَ
مُحَمَّدٌ رَجَعْتُمْ سَالِمِينَ ، وَإِنْ غُلِبَ
مُحَمَّدٌ فَإِنَّ قَوْمَكُمْ لَنْ يَصْنَعُوا بِكُمْ شَيْئًا - فَيَوْمَئِذَ سُمِّيَ
الْأَخْنَسَ وَكَانَ اسْمُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيٌّ - فَالْتَقَى
الْأَخْنَسُ بِأَبِي جَهْلٍ ، فَخَلَا بِهِ ، فَقَالَ : يَا
أَبَا الْحَكَمِ أَخْبِرْنِي عَنْ
مُحَمَّدٍ : أَصَادِقٌ هُوَ أَمْ كَاذِبٌ ؟ فَإِنَّهُ لَيْسَ هَا هُنَا مِنْ
قُرَيْشٍ غَيْرِي وَغَيْرُكَ يَسْتَمِعُ كَلَامَنَا ! فَقَالَ
أَبُو جَهْلٍ : وَيْحَكَ ! وَاللَّهِ إِنَّ
مُحَمَّدًا لَصَادِقٌ ، وَمَا كَذَبَ
مُحَمَّدٌ قَطُّ ، وَلَكِنْ إِذَا ذَهَبَ
بَنُو قُصَيٍّ بِاللِّوَاءِ وَالسِّقَايَةِ وَالْحِجَابَةِ وَالنُّبُوَّةِ ، فَمَاذَا يَكُونُ لِسَائِرِ
قُرَيْشٍ ؟ فَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=33فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ . .
وَنُلَاحِظُ : أَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ ، وَهَذِهِ الْآيَةُ مَكِّيَّةٌ لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ ; بَيْنَمَا الْحَادِثَةُ الْمَذْكُورَةُ كَانَتْ فِي
الْمَدِينَةِ يَوْمَ
بَدْرٍ . . وَلَكِنْ إِذَا عَرَفْنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ أَحْيَانًا عَنْ آيَةٍ مَا : "فَذَلِكَ قَوْلُهُ : كَذَا . . " وَيَقْرِنُونَ إِلَيْهَا حَادِثًا مَا لَا لِلنَّصِّ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ بِسَبَبِ الْحَادِثِ الَّذِي يَذْكُرُونَهُ ; وَلَكِنْ بِسَبَبِ انْطِبَاقِ مَدْلُولِهَا عَلَى الْحَادِثِ ، بِغَضِّ النَّظَرِ عَمَّا إِذَا كَانَ سَابِقًا أَوْ لَاحِقًا . . فَإِنَّنَا لَا نَسْتَغْرِبُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ . .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ : حَدَّثَنِي
يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ، قَالَ :
حُدِّثْتُ أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ - وَكَانَ سَيِّدًا - قَالَ يَوْمًا وَهُوَ جَالِسٌ فِي نَادِي قُرَيْشٍ ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَحْدَهُ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، أَلَا أَقُومُ إِلَى مُحَمَّدٍ فَأُكَلِّمُهُ وَأَعْرِضُ عَلَيْهِ أُمُورًا لَعَلَّهُ أَنْ يَقْبَلَ بَعْضَهَا ، فَنُعْطِيَهُ أَيُّهَا شَاءَ وَيَكُفُّ عَنَّا ؟ وَذَلِكَ حِينَ أَسْلَمَ nindex.php?page=showalam&ids=135حَمْزَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَرَأَوْا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَزِيدُونَ وَيَكْثُرُونَ فَقَالُوا : بَلَى يَا أَبَا الْوَلِيدِ فَقُمْ إِلَيْهِ فَكَلِّمْهُ . فَقَامَ إِلَيْهِ عُتْبَةُ حَتَّى جَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : يَا ابْنَ أَخِي . إِنَّكَ مِنَّا حَيْثُ عَلِمْتَ مِنَ الْبَسْطَةِ فِي الْعَشِيرَةِ ، وَالْمَكَانِ فِي النَّسَبِ . وَإِنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ قَوْمَكَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ ، فَرَّقْتَ بِهِ جَمَاعَتَهُمْ ، وَسَفَّهْتَ أَحْلَامَهُمْ ، وَعِبْتَ بِهِ آلِهَتَهُمْ وَدِينَهُمْ ، وَكَفَّرْتَ بِهِ مَنْ مَضَى مِنْ آبَائِهِمْ . فَاسْمَعْ مِنِّي أَعْرِضْ عَلَيْكَ أُمُورًا تَنْظُرْ فِيهَا ، لَعَلَّكَ تَقْبَلُ مِنْهَا بَعْضَهَا . قَالَ : فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "قُلْ : يَا أَبَا الْوَلِيدِ أَسْمَعْ " قَالَ : يَا ابْنَ أَخِي ، إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تُرِيدُ بِمَا جِئْتَ بِهِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ مَالًا جَمَعْنَا لَكَ مِنْ أَمْوَالِنَا حَتَّى تَكُونَ أَكْثَرَنَا مَالًا ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِهِ شَرَفًا سَوَّدْنَاكَ عَلَيْنَا حَتَّى لَا نَقْطَعَ أَمْرًا دُونَكَ ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِهِ مُلْكًا مَلَّكْنَاكَ عَلَيْنَا ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي يَأْتِيكَ رِئْيًا تَرَاهُ لَا تَسْتَطِيعُ رَدَّهُ عَنْ نَفْسِكَ طَلَبْنَا لَكَ الْأَطِبَّاءَ ، وَبَذَلْنَا فِيهَا أَمْوَالَنَا حَتَّى نُبْرِئَكَ مِنْهُ ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا غَلَبَ التَّابِعُ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُدَاوَى مِنْهُ . . أَوْ كَمَا قَالَ . . حَتَّى إِذَا فَرَغَ عُتْبَةُ ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَمِعُ مِنْهُ ; قَالَ : "أَفْرَغْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ ؟ " قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : "فَاسْتَمِعْ مِنِّي " . قَالَ : أَفْعَلُ . قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ : nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=2تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=3كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=4بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ ... ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا وَهُوَ يَقْرَؤُهَا عَلَيْهِ . فَلَمَّا سَمِعَ عُتْبَةُ أَنْصَتَ لَهَا ، وَأَلْقَى يَدَيْهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ ، مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا ، يَسْتَمِعُ مِنْهُ ، حَتَّى انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى السَّجْدَةِ مِنْهَا فَسَجَدَ . ثُمَّ قَالَ : "قَدْ سَمِعْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ مَا سَمِعْتَ ، فَأَنْتَ وَذَاكَ " . . فَقَامَ عُتْبَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ . فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : نَحْلِفُ بِاللَّهِ لَقَدْ جَاءَكُمْ أَبُو الْوَلِيدِ [ ص: 1076 ] بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبَ بِهِ ! فَلَمَّا جَلَسَ إِلَيْهِمْ قَالُوا : مَا وَرَاءَكَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ ؟ قَالَ : وَرَائِي أَنِّي سَمِعْتُ قَوْلًا وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ مِثْلَهُ قَطُّ . وَاللَّهِ مَا هُوَ بِالسِّحْرِ ، وَلَا بِالشِّعْرِ ، وَلَا بِالْكِهَانَةِ . يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَطِيعُونِي وَاجْعَلُوهَا لِي . . خَلُّوا بَيْنَ الرَّجُلِ وَمَا هُوَ فِيهِ ، فَاعْتَزِلُوهُ ، فَوَاللَّهِ لَيَكُونَنَّ لِقَوْلِهِ الَّذِي سَمِعْتُ نَبَأٌ ، فَإِنْ تُصِبْهُ الْعَرَبُ كُفِيتُمُوهُ بِغَيْرِكُمْ ، وَإِنْ يَظْهَرْ عَلَى الْعَرَبِ فَمُلْكُهُ مُلْكُكُمْ ، وَعِزُّهُ عِزُّكُمْ ، وَكُنْتُمْ أَسْعَدَ النَّاسِ بِهِ . . قَالُوا : سَحَرَكَ وَاللَّهِ يَا أَبَا الْوَلِيدِ بِلِسَانِهِ ! قَالَ : هَذَا رَأْيِي فَاصْنَعُوا مَا بَدَا لَكُمْ !
وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13889الْبَغَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ حَدِيثًا - بِإِسْنَادِهِ - عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=104886أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَضَى فِي قِرَاءَتِهِ إِلَى قَوْلِهِ : nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=13فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةً عَادٍ وَثَمُودَ.. فَأَمْسَكَ عُتْبَةُ عَلَى فِيهِ ، وَنَاشَدَهُ الرَّحِمَ ، وَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ ، وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى قُرَيْشٍ ، وَاحْتَبَسَ عَنْهُمْ . . . إِلَى آخِرِهِ . . . ثُمَّ لَمَّا حَدَّثُوهُ فِي هَذَا قَالَ : فَأَمْسَكْتُ بِفِيهِ ، وَنَاشَدْتُهُ الرَّحِمَ أَنْ يَكُفَّ . وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا إِذَا قَالَ شَيْئًا لَمْ يَكْذِبْ فَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ بِكُمُ الْعَذَابُ . .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ : إِنَّ
الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ
قُرَيْشٍ - وَكَانَ ذَا سِنٍّ فِيهِمْ - وَقَدْ حَضَرَ الْمَوْسِمُ . فَقَالَ لَهُمْ : يَا مَعْشَرَ
قُرَيْشٍ ، إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ هَذَا الْمَوْسِمُ ، وَإِنَّ وُفُودَ
الْعَرَبِ سَتَقْدُمُ عَلَيْكُمْ فِيهِ ، وَقَدْ سَمِعُوا بِأَمْرِ صَاحِبِكُمْ هَذَا ، فَاجْمَعُوا فِيهِ رَأْيًا وَاحِدًا ، وَلَا تَخْتَلِفُوا فَيُكَذِّبَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ، وَيَرُدَّ قَوْلُكُمْ بَعْضُهُ بَعْضًا . قَالُوا : فَأَنْتَ يَا
أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ فَقُلْ ، وَأَقِمْ لَنَا رَأْيًا نَقُلْ بِهِ . قَالَ : بَلْ أَنْتُمْ فَقُولُوا ; أَسْمَعْ . قَالُوا : نَقُولُ كَاهِنٌ ! قَالَ : لَا وَاللَّهِ مَا هُوَ بِكَاهِنٍ ، لَقَدْ رَأَيْنَا الْكُهَّانَ ، فَمَا هُوَ بِزَمْزَمَةِ الْكَاهِنِ وَلَا سَجْعِهِ ! قَالُوا : فَنَقُولُ مَجْنُونٌ ! قَالَ : مَا هُوَ بِمَجْنُونٍ ، لَقَدْ رَأَيْنَا الْجُنُونَ وَعَرَفْنَاهُ ، فَمَا هُوَ بِخَنْقِهِ وَلَا تَخَالُجِهِ وَلَا وَسْوَسَتِهِ ! قَالُوا : فَنَقُولُ شَاعِرٌ ! قَالَ : مَا هُوَ بِشَاعِرٍ ، لَقَدْ عَرَفْنَا الشِّعْرَ كُلَّهُ رَجَزَهُ وَهَزَجَهُ وَقَرِيضَهُ وَمَقْبُوضَهُ وَمَبْسُوطَهُ ، فَمَا هُوَ بِالشِّعْرِ ! قَالُوا : فَنَقُولُ سَاحِرٌ ! قَالَ : مَا هُوَ بِسَاحِرٍ ، لَقَدْ رَأَيْنَا السُّحَّارَ وَسِحْرَهُمْ ، فَمَا هُوَ بِنَفْثِهِمْ وَلَا عَقْدِهِمْ ! قَالُوا : فَمَا نَقُولُ يَا
أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ ؟ قَالَ : وَاللَّهِ إِنَّ لِقَوْلِهِ لَحَلَاوَةً ، وَإِنَّ أَصْلَهُ لَعَذْقٌ ، وَإِنَّ فَرْعَهُ لَجَنَاةٌ ، وَمَا أَنْتُمْ بِقَائِلِينَ مِنْ هَذَا شَيْئًا إِلَّا عُرِفَ أَنَّهُ بَاطِلٌ ! وَإِنَّ أَقْرَبَ الْقَوْلِ فِيهِ لَأَنْ تَقُولُوا : هُوَ سَاحِرٌ ، جَاءَ بِقَوْلٍ هُوَ سِحْرٌ ، يُفَرِّقُ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَأَبِيهِ ، وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَأَخِيهِ ، وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجَتِهِ ، وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَعَشِيرَتِهِ . . فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ بِذَلِكَ . فَجَعَلُوا يَجْلِسُونَ بِسُبُلِ النَّاسِ - حِينَ قَدِمُوا الْمَوْسِمَ - لَا يَمُرُّ بِهِمْ أَحَدٌ إِلَّا حَذَّرُوهُ إِيَّاهُ ، وَذَكَرُوا لَهُ أَمْرَهُ !
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا
ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17124مَعْمَرٍ ، عَنْ
عُبَادَةَ بْنِ مَنْصُورٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةَ :
أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ ، فَكَأَنَّهُ رَقَّ لَهُ . فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ . فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ : أَيْ عَمِّ ! إِنَّ قَوْمَكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَجْمَعُوا لَكَ مَالًا ! قَالَ : لِمَ ؟ قَالَ : يُعْطُونَكَهُ ، فَإِنَّكَ أَتَيْتَ مُحَمَّدًا تَتَعَرَّضُ لِمَا قِبَلَهُ ! (يُرِيدُ الْخَبِيثُ أَنْ يُثِيرَ كِبْرِيَاءَهُ مِنَ النَّاحِيَةِ الَّتِي يَعْرِفُ أَنَّهُ أَشَدُّ بِهَا اعْتِزَازًا ! ) قَالَ : قَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنِّي أَكْثَرُهَا مَالًا ! قَالَ : فَقُلْ فِيهِ قَوْلًا يَعْلَمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ مُنْكِرٌ لِمَا قَالَ ، وَأَنَّكَ كَارِهٌ لَهُ قَالَ : فَمَاذَا أَقُولُ فِيهِ ؟ فَوَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ أَعْلَمُ بِالْأَشْعَارِ مِنِّي ، وَلَا أَعْلَمُ بِرَجَزِهِ وَلَا بِقَصِيدِهِ ، وَلَا بِأَشْعَارِ الْجِنِّ ! وَاللَّهِ مَا يُشْبِهُ الَّذِي يَقُولُهُ شَيْئًا مِنْ هَذَا . وَاللَّهِ إِنَّ لِقَوْلِهِ الَّذِي يَقُولُهُ لَحَلَاوَةً ، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً ، وَإِنَّهُ لَيَحْطِمُ مَا تَحْتَهُ ، وَإِنَّهُ لَيَعْلُو وَمَا يُعْلَى . قَالَ : وَاللَّهِ لَا يَرْضَى قَوْمُكَ حَتَّى تَقُولَ فِيهِ . . قَالَ : فَدَعْنِي حَتَّى أُفَكِّرَ فِيهِ . . فَلَمَّا فَكَّرَ قَالَ : إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ . يُؤْثِرُهُ عَنْ غَيْرِهِ . [ ص: 1077 ] فَنَزَلَتْ : nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=11ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا.. حَتَّى بَلَغَ: nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=30عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ .
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ
قُرَيْشًا قَالَتْ : لَئِنْ صَبَأَ
الْوَلِيدُ لَتَصْبُوَنَّ
قُرَيْشٌ كُلُّهَا ! فَقَالَ
أَبُو جَهْلٍ : أَنَا أَكْفِيكُمُوهُ ! ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ . . وَأَنَّهُ قَالَ - بَعْدَ التَّفْكِيرِ الطَّوِيلِ - إِنَّهُ سِحْرٌ يُؤْثَرُ . أَمَا تَرَوْنَ أَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَمَوَالِيهِ .
فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا تُبَيِّنُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ لَمْ يَكُونُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْذِبُهُمْ فِيمَا يُبَلِّغُهُ لَهُمْ . وَإِنَّمَا هُمْ كَانُوا مُصِرِّينَ عَلَى شِرْكِهِمْ لِمِثْلِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الَّتِي وَرَدَتْ بِهَا الرِّوَايَاتُ ، وَمَا وَرَاءَهَا مِنَ السَّبَبِ الرَّئِيسِيِّ ، وَهُوَ مَا يَتَوَقَّعُونَهُ مِنْ وَرَاءِ هَذِهِ الدَّعْوَةِ مِنْ سَلْبِ السُّلْطَانِ الْمُغْتَصَبِ ، الَّذِي يُزَاوِلُونَهُ ، وَهُوَ سُلْطَانُ اللَّهِ وَحْدَهُ . كَمَا هُوَ مَدْلُولُ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الَّتِي يَقُومُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ . وَهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ جَيِّدًا مَدْلُولَاتِ لُغَتِهِمْ ; وَكَانُوا لَا يُرِيدُونَ أَنْ يُسَلِّمُوا بِمَدْلُولِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ . وَهُوَ إِنَّمَا يُمَثِّلُ ثَوْرَةً كَامِلَةً عَلَى كُلِّ سُلْطَانٍ غَيْرَ سُلْطَانِ اللَّهِ فِي حَيَاةِ الْعِبَادِ . . وَصَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=33قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ. فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ، وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ . .
وَالظَّالِمُونَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هُمُ الْمُشْرِكُونَ . كَمَا يَغْلِبُ فِي التَّعْبِيرِ الْقُرْآنِيِّ الْكَرِيمِ .