الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفرع الثاني : تغطية الرأس والوجه ، وفي ( الكتاب ) : إذا غطى المحرم رأسه ناسيا أو جاهلا ، ونزعه مكانه فلا شيء عليه ، وإن انتفع به افتدى ، والمحرمة في تغطية وجهها كالرجل ، ولها شد ردائها من فوق رأسها على وجهها للستر وإلا فلا لحديث عائشة رضي الله عنها : كان الركبان يمرون بنا ونحن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - محرمات فإذا حاذونا سدلت إحدانا من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه .

                                                                                                                قال ابن القاسم : ما علمت مالكا يأمرها بتجافيه عن وجهها ، وإن رفعته من أسفل وجهها افتدت ; لأنه لا يثبت حتى تغرزه بخلاف السدل وتفتدي في الرفع والقفازين ، قال سند : إذا لطخ رأسه بالطين افتدى كالعمامة ، وسواء غطى جميع رأسه أو بعضه خلافا ل ( ح ) في قوله : لا يوجب الفدية إلا عضو كامل ; لأن الانتفاع يحصل في البعض فتجب الفدية ، ولو نقض رأسه بمنديل أو مسه بيده من الحر ، أو وضع على رأسه أو ستر وجهه بيده من الشمس ، أو وارى بعض وجهه بثوبه ، قال مالك : لا شيء عليه ; لأن ذلك لا يدوم ، وكره مالك كب الوجه على الوسادة بخلاف الخد ، وفي ( الكتاب ) : إذا جر المحرم لحافه على وجهه وهو نائم فانتبه فنزعه فلا شيء عليه ، وإن طال بخلاف المستيقظ ; لأن الرفاهية مشروطة بالإدراك عادة [ ص: 308 ] وهو غير مدرك ، فإن غطى رجل رأسه أو وجهه ، أو طيبه ، أو حلق رأسه فانتبه فلينزع ذلك ، والفدية على الفاعل دون النائم لجنايته على الإحرام فيلزمه موجب الجناية ، ولو قتل صيدا فكالنقصان لتحقق الجناية منه بخلاف الترفه ، قال سند : على قول مالك في الواطئ في رمضان كرها لا كفارة عليها ، ولا عليه عنها لا فدية ههنا ، وإذا قلنا بالفدية فيرعى بقاء ذلك مدة تحصيل الانتفاع فيها ، فلو طيب محرم محرما ففدية عند ابن أبي زيد ، وفديتان عند ابن القاسم ليس لترفه الفاعل والمفعول ، ولو سقط عليه طيب أو تدحرج ثم استيقظ فنزعه ، فإن استدام افتدى ، ولو تقلب في نورة أو وقعت على رأسه فحلقته افتدى ; لبقاء ذلك بعد اليقظة ، وفي ( الكتاب ) : للرجل أن يحمل على رأسه ما لا بد له منه كالخرج ، والجراب فإن حمله لغيره بأجر أو بغير أجر فعليه الفدية ; لدفع الحر عنه والبرد بذلك ، وخروجه عن موضع الرخصة ، وقاله ( ح ) و ( ش ) ولا يحمل على رأسه تجارة له لعدم الضرورة ، وإذا جعل في أذنيه قطنا لأمر وجده فيهما افتدى ; لأنهما من الرأس فلا يغطيان ، وفي ( الجواهر ) : إذا غطى المحرم وجهه فلا فدية ، وروي عنه الفدية بناء على كراهة التغطية وتحريمها .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية