الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [49 - 56] قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم [ ص: 5654 ] فمالئون منها البطون فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم هذا نـزلهم يوم الدين

                                                                                                                                                                                                                                      قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم أي: معين عنده تعالى، وهو يوم القيامة.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم إنكم أيها الضالون المكذبون أي: الجاهلون المصرون على جهالاتهم، والجاحدون للبعث.

                                                                                                                                                                                                                                      لآكلون من شجر من زقوم وهو من أخبث شجر البادية في المرارة، وبشاعة المنظر، ونتن الريح.

                                                                                                                                                                                                                                      فمالئون منها البطون أي: من ثمراتها الوبيئة البشعة المحرقة.

                                                                                                                                                                                                                                      فشاربون عليه من الحميم أي: الماء الذي انتهى حره وغليانه. قال الزمخشري : وأنث ضمير الشجر على المعنى، وذكره على اللفظ في قوله: " منها " و: " عليه " .

                                                                                                                                                                                                                                      فشاربون شرب الهيم أي: الإبل التي بها الهيام، وهو داء لا ري معه، لشدة الشغف والكلب بها.

                                                                                                                                                                                                                                      هذا نـزلهم يوم الدين أي: جزاؤهم في الآخرة، وفيه مبالغة بديعة؛ لأن النزل ما يعد للقادم عاجلا إذا نزل، ثم يؤتى بعده بما هو المقصود من أنواع الكرامة، فلما جعل هذا -مع أنه أمر مهول- كالنزل، دل على أن بعده ما لا يطيق البيان شرحه، وجعله نزلا مع أنه ما يكرم به النازل متهكما، كما في قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا جعلنا القنا والمرهفات له نزلا



                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية