الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم

                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين يشترون أي: يستبدلون ويأخذون. بعهد الله أي: بدل ما عاهدوا عليه من الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم و الوفاء بالأمانات. وأيمانهم وبما حلفوا به من قولهم: والله لنؤمنن به ولننصرنه. ثمنا قليلا هو حطام الدنيا. أولئك الموصوفون بتلك الصفات القبيحة. لا خلاق لا نصيب. لهم في الآخرة من نعيمها. ولا يكلمهم الله أي: بما يسرهم أو بشيء أصلا، وإنما يقع ما يقع من السؤال والتوبيخ والتقريع في أثناء الحساب من الملائكة - عليهم السلام – أو لا ينتفعون بكلمات الله تعالى وآياته، والظاهر أنه كناية عن شدة غضبه وسخطه - نعوذ بالله من ذلك - لقوله تعالى: ولا ينظر إليهم يوم القيامة فإنه مجاز عن الاستهانة بهم والسخط عليهم متفرع على الكناية في حق من يجوز عليه النظر لأن من اعتد بالإنسان التفت إليه وأعاره نظر عينيه، ثم كثر حتى صار عبارة عن الاعتداد و الإحسان و إن لم يكن ثمة نظر، ثم جاء فيمن لا يجوز عليه النظر مجرد المعنى الإحسان مجازا عما وقع كناية عنه فيمن يجوز عليه النظر، و "يوم القيامة" متعلق بالفعلين وفيه تهويل للوعيد. ولا يزكيهم أي: لا يثني عليهم أو لا يطهرهم من أوضار الأوزار. ولهم عذاب أليم على ما فعلوه من المعاصي، قيل: إنها نزلت في أبي رافع ولبابة بن أبي الحقيق وحيي بن أخطب، حرفوا التوراة و بدلوا نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم و أخذوا الرشوة على ذلك. وقيل: نزلت في الأشعث بن قيس حيث كان بينه و بين رجل نزاع في بئر، فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: شاهداك أو يمينه، فقال الأشعث: إذن يحلف ولا يبالي، فقال صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين يستحق بها مالا هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان". وقيل: في رجل أقام سلعة في السوق فحلف لقد اشتراها بما لم يكن اشتراها به.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية