الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              [ ص: 443 ] المسألة الثامنة

              الإقرار منه عليه الصلاة والسلام إذا وافق الفعل ; فهو صحيح في التأسي لا شوب فيه ، ولا انحطاط عن أعلى مراتب التأسي ; لأن فعله عليه الصلاة والسلام واقع موقع الصواب ، فإذا وافقه إقراره لغيره على مثل ذلك الفعل ; فهو كمجرد الاقتداء بالفعل ; فالإقرار دليل زائد مثبت .

              بخلاف ما إذا لم يوافقه ; فإن الإقرار وإن اقتضى الصحة فالترك كالمعارض ، وإن لم تتحقق فيه المعارضة ; فقد رمى فيه شوب التوقف لتوقفه عليه الصلاة والسلام عن الفعل .

              ومثاله إعراضه عن سماع اللهو وإن كان مباحا ، وبعده عن التلهي به وإن لم يحرج في استعماله ، وقد كانوا يتحدثون بأشياء من أمور الجاهلية بحضرته وربما تبسم عند ذلك ، ولم يكن يذكر هو من ذلك إلا ما دعت إليه حاجة [ ص: 444 ] أو ما لا بد منه ، ولما جاءته المرأة تسأله عن مسألة من طهارة الحيضة ; قال لها خذي فرصة ممسكة فتطهري بها فقالت : وكيف أتطهر بها ؟ فأعاد عليها واستحيى حتى غطى وجهه ففهمت عائشة ما أراد ، ففهمتها بما هو [ ص: 445 ] أصرح وأشرح ; فأقر عائشة على الشرح الأبلغ ، وسكت هو عنه حياء ; فمثل هذا مراعى إذا لم يتعين بيان ذلك ; فإنه من باب الجائز ، أما إذا تعين ; فلا يمكن إلا الإفهام كيف كان ; فإنه محل مقطع الحقوق ، والأمثلة كثيرة .

              والحاصل أن نفس الإقرار لا يدل على مطلق الجواز من غير نظر ، بل فيه ما يكون كذلك ، نحو الإقرار على المطلوبات والمباحات الصرفة ، ومنه ما لا يكون كذلك كالأمثلة .

              فإن قارنه قول ، فالأمر فيه كما تقدم ، فينظر إلى الفعل ; فيقضي بمطلق الصحة فيه مع المطابقة دون المخالفة .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية