الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 42 ] في حكم الحاكم ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، فأقضي له على نحو ما أسمع منه ، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذنه فإنما أقطع له قطعة من النار } ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : فبهذا نقول وفي هذا البيان الذي لا إشكال معه بحمد الله تعالى ونعمته على عالم فنقول ولي السرائر الله عز وجل فالحلال ، والحرام على ما يعلمه الله تبارك وتعالى ، والحكم على ظاهر الأمر وافق ذلك السرائر ، أو خالفها فلو أن رجلا زور بينة على آخر فشهدوا أن له عليه مائة دينار فقضى بها القاضي لم يحل للمقضي له أن يأخذها إذا علمها باطلا ولا يحيل حكم القاضي علم المقضي له ، والمقضي عليه ولا يجعل الحلال على واحد منهما حراما ولا الحرام لواحد منهما حلالا فلو كان حكم أبدا يزيل علم المقضي له وعليه حتى يكون ما علمه أحدهما محرما عليه ، فأباحه له القاضي ، أو علمه حلالا فحرمه عليه القاضي بالظاهر عنده حائلا بحكم القاضي عن علم الخصمين كان حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الأحكام أن يكون هكذا فقد أعلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يحكم بينهم بالظاهر وأن حكمه لا يحل لهم ما حرم الله تعالى عليهم ، فأصل هذا ما وصفت لك من أن تنظر ما حل لك فإن حكم لك به أخذته وما حرم عليك فحكم لك به لم تأخذه ، ولو طلق رجل امرأته ثلاثا ، ثم جحد ، فأحلفه الحاكم ، ثم قضى له بحبسها .

لم يحل له إصابتها ولا لها أن تدعه يصيبها وعليها أن تمتنع منه بأكثر ما تقدر عليه ويسعها إذا أرادها ضربه وإن أتى الضرب على نفسه ، ولو شهد شاهدا زور على رجل أنه طلق امرأته ثلاثا ففرق القاضي بينهما لم يحل لها أن تنكح أبدا إذا علمت أن ما شهدا به باطل ولم يحل له أن ينكح أختها ولا أربعا سواها ، وكان له أن يصيبها حيث قدر عليها إلا أنا نكره له أن يفعل خوفا أن يعد زانيا فيحد ولم يكن لها أن تمتنع منه ، وكان لكل واحد منهما إن مات صاحبه قبله أن يرثه ولم يكن لورثته أن يدفعوه عن حقه في ميراثه إذا علموا أن الشهود كاذبون وإن كان الزوج الميت فعلى المرأة العدة منه ، والبيوع مجامعة ما وصفنا من الطلاق في الأصل ، وقد تختلف هي وهي في التصريف فيحتمل أن يكون معناهما لا يفترقان للاجتماع في الأصل ويحتمل أن يفرق بينهما حيث يفترقان ونسأل الله تعالى التوفيق بقدرته

التالي السابق


الخدمات العلمية