الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 163 ] قوله عز وجل: أومن كان ميتا فأحييناه فيه ثلاثة أوجه: أحدها: كان ميتا حين كان نطفة فأحييناه بنفخ الروح [فيه] ، حكاه ابن بحر . والثاني: كان ميتا بالكفر فأحييناه بالهداية إلى الإيمان ، حكاه ابن عيسى . والثالث: كان ميتا بالجهل فأحييناه بالعمل ، أنشدني بعض أهل العلم ما يدل على صحة هذا التأويل لبعض شعراء البصرة:


                                                                                                                                                                                                                                        وفي الجهل قبل الموت موت لأهله فأجسامهم قبل القبور قبور     وإن امرءا لم يحيى بالعلم ميت
                                                                                                                                                                                                                                        فليس له حتى النشور نشور



                                                                                                                                                                                                                                        وجعلنا له نورا يمشي به في الناس فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أن النور القرآن ، قاله الحسن . والثاني: أنه العلم الذي يهدي إلى الرشد. والثالث: أنه حسن الإيمان. وقوله: يمشي به في الناس يحتمل وجهين: أحدهما: ينشر به ذكر دينه بين الناس في الدنيا حتى يصير كالماشي. والثاني: يهتدي به بين الناس إلى الجنة فيكون هو الماشي. كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها فيه قولان: أحدهما: أن الظلمات الكفر. والثاني: الجهل ، وشبهه بالظلمة لأن صاحبه في حيرة تفضي به إلى الهلكة كحيرة الماشي في الظلمة. واختلفوا في هذه الآية على قولين. أحدهما: أنها على العموم في كل مؤمن وكافر ، قاله الحسن وغيره من أهل العلم. والثاني: أنها على الخصوص في معين. وفيمن تعين نزول ذلك فيه قولان: أحدهما: أن المؤمن عمر بن الخطاب ، والكافر أبو جهل ، قاله الضحاك . ومقاتل . [ ص: 164 ] والثاني: أن المؤمن عمار بن ياسر ، والكافر أبو جهل ، قاله عكرمة ، والكلبي .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية