[ ص: 87 ] nindex.php?page=treesubj&link=20734الأشياء التي لا يؤاخذ الله المكلف بها ]
وكذلك الخطأ والنسيان والإكراه والجهل بالمعنى وسبق اللسان بما لم يرده والتكلم في الإغلاق ولغو اليمين ; فهذه عشرة أشياء لا يؤاخذ الله بها عبده بالتكلم في حال منها ; لعدم قصده وعقد قلبه الذي يؤاخذه به .
أما الخطأ من شدة الفرح فكما في الحديث الصحيح حديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18030فرح الرب بتوبة عبده وقول الرجل : أنت عبدي وأنا ربك ، أخطأ من شدة الفرح } .
وأما الخطأ من شدة الغضب فكما في قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم } قال السلف : هو
nindex.php?page=treesubj&link=11769_20734دعاء الإنسان على نفسه وولده وأهله حال الغضب ، لو أجابه الله تعالى لأهلك الداعي ومن دعى عليه ، فقضي إليهم أجلهم ، وقد قال جماعة من الأئمة : الإغلاق الذي منع النبي صلى الله عليه وسلم من وقوع الطلاق والعتاق فيه هو الغضب . وهذا كما قالوه ; فإن للغضب سكرا كسكر الخمر أو أشد .
وأما السكران فقد قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون } فلم يرتب على كلام السكران حكما حتى يكون عالما بما يقول ; ولذلك {
أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يشكك المقر بالزنا ليعلم هل هو عالم بما يقول أو غير عالم بما يقول ، ولم يؤاخذ nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة بقوله في حال السكر : هل أنتم إلا عبيد لأبي ولم يكفر من قرأ في حال سكره في الصلاة : أعبد ما تعبدون ، ونحن نعبد ما تعبدون } .
وأما الخطأ والنسيان فقد قال تعالى حكاية عن المؤمنين : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } وقال الله تعالى : " قد فعلت " وقال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11222إن الله قد تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه } .
وأما المكره فقد قال الله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } والإكراه داخل في حكم الإغلاق .
وأما اللغو فقد رفع الله تعالى المؤاخذة به حتى يحصل عقد القلب .
وأما سبق اللسان بما لم يرده المتكلم فهو دائر بين الخطأ في اللفظ والخطأ في القصد ; فهو أولى أن لا يؤاخذ به من لغو اليمين ، وقد نص الأئمة على مسائل من ذلك تقدم ذكر بعضها .
[ ص: 88 ] وأما الإغلاق فقد نص عليه صاحب الشرع ، والواجب حمل كلامه فيه على عمومه اللفظي والمعنوي ; فكل من أغلق عليه باب قصده وعلمه كالمجنون والسكران والمكره والغضبان فقد تكلم في الإغلاق ، ومن فسره بالجنون أو بالسكر أو بالغضب أو بالإكراه فإنما قصد التمثيل لا التخصيص ، ولو قدر أن اللفظ يختص بنوع من هذه الأنواع لوجب تعميم الحكم بعموم العلة ; فإن الحكم إذا ثبت لعلة تعدى بتعديها وانتفى بانتفائها .
[ ص: 87 ] nindex.php?page=treesubj&link=20734الْأَشْيَاءُ الَّتِي لَا يُؤَاخِذُ اللَّهُ الْمُكَلَّفَ بِهَا ]
وَكَذَلِكَ الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَالْإِكْرَاهُ وَالْجَهْلُ بِالْمَعْنَى وَسَبْقُ اللِّسَانِ بِمَا لَمْ يُرِدْهُ وَالتَّكَلُّمُ فِي الْإِغْلَاقِ وَلَغْوُ الْيَمِينِ ; فَهَذِهِ عَشْرَةُ أَشْيَاءَ لَا يُؤَاخِذُ اللَّهُ بِهَا عَبْدَهُ بِالتَّكَلُّمِ فِي حَالٍ مِنْهَا ; لِعَدَمِ قَصْدِهِ وَعَقْدِ قَلْبِهِ الَّذِي يُؤَاخِذُهُ بِهِ .
أَمَّا الْخَطَأُ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ فَكَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ حَدِيثِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18030فَرَحِ الرَّبِّ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ وَقَوْلِ الرَّجُلِ : أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّك ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ } .
وَأَمَّا الْخَطَأُ مِنْ شِدَّةِ الْغَضَبِ فَكَمَا فِي قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ } قَالَ السَّلَفُ : هُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=11769_20734دُعَاءُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَأَهْلِهِ حَالَ الْغَضَبِ ، لَوْ أَجَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَأَهْلَكَ الدَّاعِيَ وَمَنْ دَعَى عَلَيْهِ ، فَقُضِيَ إلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ، وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ : الْإِغْلَاقُ الَّذِي مَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فِيهِ هُوَ الْغَضَبُ . وَهَذَا كَمَا قَالُوهُ ; فَإِنَّ لِلْغَضَبِ سُكْرًا كَسُكْرِ الْخَمْرِ أَوْ أَشَدَّ .
وَأَمَّا السَّكْرَانُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } فَلَمْ يُرَتِّبْ عَلَى كَلَامِ السَّكْرَانِ حُكْمًا حَتَّى يَكُونَ عَالِمًا بِمَا يَقُولُ ; وَلِذَلِكَ {
أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُشَكِّكُ الْمُقِرَّ بِالزِّنَا لِيَعْلَمَ هَلْ هُوَ عَالِمٌ بِمَا يَقُولُ أَوْ غَيْرُ عَالِمٍ بِمَا يَقُولُ ، وَلَمْ يُؤَاخِذْ nindex.php?page=showalam&ids=135حَمْزَةَ بِقَوْلِهِ فِي حَالِ السُّكْرِ : هَلْ أَنْتُمْ إلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي وَلَمْ يَكْفُرْ مَنْ قَرَأَ فِي حَالِ سُكْرِهِ فِي الصَّلَاةِ : أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ، وَنَحْنُ نَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } .
وَأَمَّا الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ الْمُؤْمِنِينَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : " قَدْ فَعَلْت " وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11222إنَّ اللَّهَ قَدْ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ } .
وَأَمَّا الْمُكْرَهُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=106مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ مِنْ بَعْدِ إيمَانِهِ إلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ } وَالْإِكْرَاهُ دَاخِلٌ فِي حُكْمِ الْإِغْلَاقِ .
وَأَمَّا اللَّغْوُ فَقَدْ رَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤَاخَذَةَ بِهِ حَتَّى يَحْصُلَ عَقْدُ الْقَلْبِ .
وَأَمَّا سَبْقُ اللِّسَانِ بِمَا لَمْ يُرِدْهُ الْمُتَكَلِّمُ فَهُوَ دَائِرٌ بَيْنَ الْخَطَأِ فِي اللَّفْظِ وَالْخَطَأِ فِي الْقَصْدِ ; فَهُوَ أَوْلَى أَنْ لَا يُؤَاخَذَ بِهِ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ ، وَقَدْ نَصَّ الْأَئِمَّةُ عَلَى مَسَائِلَ مِنْ ذَلِكَ تَقَدَّمَ ذِكْرُ بَعْضِهَا .
[ ص: 88 ] وَأَمَّا الْإِغْلَاقُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الشَّرْعِ ، وَالْوَاجِبُ حَمْلُ كَلَامِهِ فِيهِ عَلَى عُمُومِهِ اللَّفْظِيِّ وَالْمَعْنَوِيِّ ; فَكُلُّ مَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَ قَصْدِهِ وَعِلْمِهِ كَالْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمُكْرَهِ وَالْغَضْبَانِ فَقَدْ تَكَلَّمَ فِي الْإِغْلَاقِ ، وَمَنْ فَسَّرَهُ بِالْجُنُونِ أَوْ بِالسُّكْرِ أَوْ بِالْغَضَبِ أَوْ بِالْإِكْرَاهِ فَإِنَّمَا قَصَدَ التَّمْثِيلَ لَا التَّخْصِيصَ ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ اللَّفْظَ يَخْتَصُّ بِنَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ لَوَجَبَ تَعْمِيمُ الْحُكْمِ بِعُمُومِ الْعِلَّةِ ; فَإِنَّ الْحُكْمَ إذَا ثَبَتَ لِعِلَّةٍ تَعَدَّى بِتَعَدِّيهَا وَانْتَفَى بِانْتِفَائِهَا .