الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ثم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، وليست من الفاتحة ، وعنه : أنها منها . ولا يجهر بشيء من ذلك ،

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ثم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ) في أول الفاتحة ، وأول كل سورة في قول أكثرهم ، لما روى نعيم المجمر قال : صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ ( ولا الضالين ) الحديث ، ثم قال : والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه النسائي ، وفي لفظ لابن خزيمة ، والدارقطني : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وأبو بكر ، وعمر وزاد ابن خزيمة : في الصلاة ( وليست من الفاتحة ) جزم به أكثر الأصحاب ، وصححه ابن الجوزي ، ، وابن تميم والجد ، وحكاه القاضي إجماعا سابقا ، وكغيرها; لما روى أبو هريرة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : قال الله : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى : حمدني عبدي رواه مسلم ، ولو كانت آية لعدها ، وبدأ بها ، ولما تحقق التنصيف ؛ لأن ما هو ثناء وتمجيد أربع آيات ونصف ، وما هو للآدمي اثنان ونصف ، لأنها سبع آيات إجماعا ، لكن حكى الرازي عن الحسن البصري أنها ثمان آيات ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في تبارك الذي بيده الملك إنها ثلاثون آية رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي بإسناد حسن ، ولا يختلف العادون أنها ثلاثون آية بدون البسملة ، وهي قرآن على الأصح آية منه ، وكانت تنزل فصلا بين السور غير ( براءة ) وعنه : [ ص: 435 ] ليست من القرآن إلا في ( النمل ) فإنها بعض آية فيها إجماعا ، فلهذا نقل ابن الحكم : لا تكتب أمام الشعر ، ولا معه ، وذكر الشعبي أنهم كانوا يكرهونه ، قال القاضي : لأنه يشوبه الكذب والهجر غالبا ( وعنه : أنها منها ) اختارها ابن بطة ، وأبو حفص ، وصححه ابن شهاب لما روى أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أنزل علي سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر رواه مسلم ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقراءتها مع الفاتحة رواه الدارقطني بإسناد رجاله ثقات ، واحتج أحمد بأن الصحابة أجمعوا على كتابتها في المصاحف .



                                                                                                                          ثم اعلم أن مسألة البسملة عظيمة صنف فيها الأئمة ، منهم الخطيب البغدادي ، قال الأصوليون : وقوة الشبهة في ( بسم الله الرحمن الرحيم ) منعت التكفير من الجانبين ، فدل على أنها ليست من المسائل القطعية ، خلافا للقاضي أبي بكر .

                                                                                                                          فائدة : تكتب أوائل الكتب ، كما كتبها - صلى الله عليه وسلم - في صلح الحديبية ، وإلى قيصر وغيره ، نص عليه ، فتذكر في ابتداء جميع الأفعال ، وعند دخول المنزل ، والخروج منه للتبرك ، وهي تطرد الشيطان ، وإنما يستحب إذا ابتدأ فعلا تبعا لغيرها لا مستقلة ، فلم تجعل كالحمدلة ، ونحوها .



                                                                                                                          ( ولا يجهر بشيء من ذلك ) قد مضى شرحه ، والآن لا يجهر بالبسملة ، وإن قلنا هي من الفاتحة ، قال في " الشرح " : لا خلاف عنه فيه ، وحكى الترمذي أنه قول أكثر العلماء من الصحابة والتابعين منهم أبو بكر ، وعمر ، ، وعثمان ، وعلي ، وقد روى أحمد والنسائي على شرط الصحيح : لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم ، وفي لفظ البخاري عن أنس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر ، وعمر كانوا [ ص: 436 ] يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين وفي رواية مسلم : لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ، ولا في آخرها وعنه : يجهر لأخبار منها ما روى أبو هريرة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أم الناس قرأ بسم الله الرحمن الرحيم قال الدارقطني : إسنادهم كلهم ثقات ، وعنه : بالمدينة ليتبين أنها سنة ، لأن أهل المدينة ينكرونها ، كما جهر ابن عباس بقراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ، وعنه : يجهر في نفل ، وقيل : إن قلنا : هي من الفاتحة جهر بها ، واختار تقي الدين : يجهر بها وبالتعوذ ، وبالفاتحة بالجنازة ، ونحو ذلك أحيانا ، فإنه المنصوص عن أحمد تعليما للسنة ، وللتأليف ، ويخير صلاة في غير صلاة الجهر بها ، نقله الجماعة ، وكالقراءة والتعوذ ، وعنه : يجهر ، وعنه : لا .




                                                                                                                          الخدمات العلمية