الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 661 ] النوع السابع والثلاثون :

        معرفة المزيد في متصل الأسانيد ، ومثاله ما روى ابن المبارك قال : حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن يزيد ، حدثني بسر بن عبيد الله قال : سمعت أبا إدريس قال : سمعت واثلة يقول : سمعت أبا مرثد يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تجلسوا على القبور " ؛ فذكر سفيان وأبي إدريس زيادة وهم ؛ فالوهم في سفيان ممن دون ابن المبارك لأن ثقات رووه عن ابن المبارك عن ابن يزيد ، ومنهم من صرح فيه بالإخبار ، وفي أبي إدريس من ابن المبارك لأن ثقات رووه عن ابن يزيد فلم يذكروا أبا إدريس ، ومنهم من صرح بسماع بسر من واثلة .

        وصنف الخطيب في هذا كتابا في كثير منه نظر ؛ لأن الخالي عن الزائد إن كان بحرف ( عن ) ، فينبغي أن يجعل منقطعا ، وإن صرح فيه بسماع أو إخبار احتمل أن يكون سمعه من رجل عنه ثم سمعه منه إلا أن توجد قرينة تدل على الوهم . ويمكن أن يقال الظاهر ممن له هذا أن يذكر السماعين ؛ فإذا لم يذكرهما حمل على الزيادة .

        التالي السابق


        ( النوع السابع والثلاثون : معرفة المزيد في متصل الأسانيد ومثاله ما روى ) عبد الله ( بن المبارك قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، حدثني بسر بن عبيد الله ) بضم الموحدة ، وبالمهملة ، وأبوه مصغرة ، ( قال : سمعت أبا إدريس ) الخولاني ( قال : سمعت واثلة ) بن الأسقع ، ( يقول : سمعت أبا مرثد ) الغنوي ، ( يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تجلسوا على القبور " ) : ولا تصلوا إليها .

        ( فذكر سفيان وأبي إدريس ) في هذا الإسناد ( زيادة وهم ، فالوهم في سفيان ممن دون ابن المبارك لأن ثقات رووه عن ابن المبارك ، عن ابن يزيد ) نفسه ؛ منهم : ابن مهدي ، وحسن بن الربيع ، وهناد بن السري وغيرهم .

        ( ومنهم من صرح فيه بالإخبار ) بينهما ، ( و ) الوهم ( في أبي إدريس من ابن المبارك لأن ثقات رووه عن ابن يزيد ) ، عن بسر ، عن واثلة ، ( فلم يذكروا أبا [ ص: 662 ] إدريس ) ، منهم : علي بن حجر ، والوليد بن مسلم ، وعيسى بن يونس ، وغيرهم .

        ( ومنهم من صرح ) فيه بالإخبار ( بسماع بسر من واثلة ) ، وقد حكم الأئمة على ابن المبارك بالوهم في ذلك ، كالبخاري وغيره .

        وقال أبو حاتم الرازي : وكثيرا ما يحدث بسر عن أبي إدريس فغلط ابن المبارك ، وظن أن هذا مما روي عن أبي إدريس ، عن واثلة ، وقد سمع هذا بسر من واثلة نفسه ، ثم الحديث على الوجهين عند مسلم والترمذي .

        ( وصنف الخطيب في هذا ) النوع ( كتابا ) سماه : " تمييز المزيد في متصل الأسانيد " ، ( في كثير منه نظر لأن ) الإسناد ( الخالي عن ) الراوي ( الزائد إن كان بحرف عن ) ونحوها مما لا يقتضي الاتصال ؛ ( فينبغي أن يجعل منقطعا ) ويعل بالإسناد الذي ذكر فيه الراوي الزائد ، لأن الزيادة من الثقة مقبولة ( وإن صرح فيه بسماع أو إخبار ) أو تحديث ( احتمل أن يكون سمعه من رجل عنه ثم سمعه منه ) ، اللهم ( إلا أن توجد قرينة تدل على الوهم ) كما ذكره أبو حاتم في المثال السابق .

        ( ويمكن أن يقال ) أيضا ( الظاهر ممن وقع له هذا [ ص: 663 ] أن يذكر السماعين ؛ فإذا لم يذكرهما حمل على الزيادة ) المذكورة .




        الخدمات العلمية