الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4343 ) فصل : ومن ملك معدنا ، فعمل فيه غيره بغير إذنه ، فما حصل منه فهو لمالكه ، ولا أجر للغاصب على عمله ; لأنه عمل في ملك غيره بغير إذنه ، أشبه ما لو حصد زرع غيره بغير إذنه . وإن قال مالكه : اعمل فيه ، ولك ما يخرج منه . فله ذلك ، ولا شيء لصاحب المعدن فيه ; لأنه إباحة من مالكه ، فملك ما أخذه ، كما لو أباحه الأخذ من داره أو بستانه . وإن قال : اعمل فيه ، على أن ما رزق الله من نيل كان بيننا نصفين . فعمل ، فيه وجهان : أحدهما يجوز ، وما يأخذه يكون بينهما

                                                                                                                                            كما لو قال له : احصد هذا الزرع بنصفه أو ثلثه . ولأنها عين تنمى بالعمل عليها ، فصح العمل فيها ببعضه ، كالمضاربة في الأثمان . والثاني لا يصح ; لأن ما يحصل منه مجهول ، ولأنه لا يصح أن يكون إجارة ; لأن العوض مجهول ، والعمل مجهول ، ولا جعالة ; لأن العوض مجهول ، ولا مضاربة ; لأن المضاربة إنما تصح بالأثمان ، على أن يرد رأس المال ، وتكون له حصة من الربح ، وليس ذلك هاهنا . وفارق حصاد الزرع بنصفه أو جزء منه ; لأن الزرع معلوم بالمشاهدة ، وما علم جميعه علم جزؤه ، بخلاف هذا . وإن قال : اعمل فيه كذا ، ولك ما يحصل منه ، بشرط أن تعطيني ألفا . أو شيئا [ ص: 335 ] معلوما

                                                                                                                                            لم يصح ; لأنه بيع لمجهول ، ولا يصح أن يكون معاملة كالمضاربة ، لما ذكرنا ، ولأن المضاربة تكون بجزء من النماء ، لا دراهم معلومة . قال أحمد : إذا أخذ معدنا من قوم ، على أن يعمره ، ويعمل فيه ، ويعطيهم ألفي من أو ألف من صفرا . فذلك مكروه ولم يرخص فيه والله الموفق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية