الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين ( 43 ) )

يقول تعالى ذكره : ومنع هذه المرأة صاحبة سبأ ( ما كانت تعبد من دون الله ) ، وذلك عبادتها الشمس أن تعبد الله .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . [ ص: 472 ]

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وصدها ما كانت تعبد من دون الله ) قال : كفرها بقضاء الله ، وعبادة الوثن صدها أن تهتدي للحق .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : ( وصدها ما كانت تعبد من دون الله ) قال : كفرها بقضاء الله ، صدها أن تهتدي للحق . ولو قيل : معنى ذلك : وصدها سليمان ما كانت تعبد من دون الله ، بمعنى : منعها وحال بينها وبينه ، كان وجها حسنا . ولو قيل أيضا : وصدها الله ذلك بتوفيقها للإسلام ، كان أيضا وجها صحيحا .

وقوله : ( إنها كانت من قوم كافرين ) يقول : إن هذه المرأة كانت كافرة من قوم كافرين . وكسرت الألف من قوله " إنها " على الابتداء . ومن تأول قوله : ( وصدها ما كانت تعبد من دون الله ) التأويل الذي تأولنا ، كانت " ما " من قوله ( ما كانت تعبد ) في موضع رفع بالصد ، لأن المعنى فيه لم يصدها عن عبادة الله جهلها ، وأنها لا تعقل ، إنما صدها عن عبادة الله عبادتها الشمس والقمر ، وكان ذلك من دين قومها وآبائها ، فاتبعت فيه آثارهم . ومن تأوله على الوجهين الآخرين كانت " ما " في موضع نصب .

التالي السابق


الخدمات العلمية