الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون ( 45 ) قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون ( 46 ) )

يقول تعالى ذكره : ( ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله ) وحده لا شريك له ، ولا تجعلوا معه إلها غيره ( فإذا هم فريقان يختصمون ) يقول : فلما أتاهم صالح داعيا لهم إلى الله صار قومه من ثمود فيما دعاهم إليه فريقين يختصمون ، ففريق مصدق صالحا مؤمن به ، وفريق مكذب به كافر بما جاء به .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( فريقان يختصمون ) قال : مؤمن وكافر ، قولهم : صالح مرسل ، وقولهم : [ ص: 476 ] صالح ليس بمرسل ، ويعني بقوله ( يختصمون ) يختلفون .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : ( فإذا هم فريقان يختصمون ) قال : مؤمن ، وكافر .

وقوله : ( قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة ) يقول تعالى ذكره : قال صالح لقومه : يا قوم لأي شيء تستعجلون بعذاب الله قبل الرحمة .

كما حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن نجيح ، عن مجاهد قوله : ( لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة ) قال : السيئة : العذاب ، قبل الحسنة : قبل الرحمة .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : ( قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة ) قال بالعذاب قبل الحسنة ، قال : العافية .

وقوله : ( لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون ) يقول : هلا تتوبون إلى الله من كفركم ، فيغفر لكم ربكم عظيم جرمكم ، يصفح لكم عن عقوبته إياكم على ما قد أتيتم من عظيم الخطيئة .

وقوله : ( لعلكم ترحمون ) يقول : ليرحمكم ربكم باستغفاركم إياه من كفركم .

التالي السابق


الخدمات العلمية