الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2155 [ ص: 74 ] 15 - باب: هل يؤاجر الرجل نفسه من مشرك في دار الحرب؟

                                                                                                                                                                                                                              2275 - حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، حدثنا خباب قال: كنت رجلا قينا، فعملت للعاص بن وائل، فاجتمع لي عنده، فأتيته أتقاضاه فقال: لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد. فقلت: أما والله حتى تموت ثم تبعث فلا. قال: وإني لميت ثم مبعوث؟ ! قلت: نعم. قال: فإنه سيكون لي ثم مال وولد فأقضيك. فأنزل الله تعالى: أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا [مريم: 77]. [انظر: 2091 - مسلم: 2795 - فتح: 4 \ 452]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث خباب قال: كنت رجلا قينا، فعملت للعاصي بن وائل، فاجتمع لي عنده، فأتيته أتقاضاه فقال: لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد. فقلت: والله حتى تموت ثم تبعث فلا. قال: وإني لميت ثم مبعوث؟ ! قلت: نعم. قال: فإنه سيكون لي ثم مال وولد فأقضيك. فأنزل الله - عز وجل -: أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا [مريم: 77].

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث سلف في باب القين والحداد.

                                                                                                                                                                                                                              وكره العلماء أن يؤاجر الرجل المسلم نفسه من مشرك في دار الحرب أو دار الإسلام، وقد أسلفت أنه حرام؛ لأن في ذلك ذلة وصغارا إلا أن تدعو إلى ذلك ضرورة، فلا نحرمه، فيما لا يعود على [ ص: 75 ] المسلم بضر ولا فيما لا يحل مثل عصير خمر ورعي خنزير، أو عمل سلاح أو شبه ذلك.

                                                                                                                                                                                                                              وأما في دار الإسلام فقد أغنى الله بالمسلمين وبخدمتهم عن الاضطرار إلى خدمة المشركين، وقد أمر الله عباده المؤمنين بالترؤس على المشركين فقال تعالى: فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم [محمد: 35] فلا يصلح لمسلم أن يهين نفسه بالخدمة لمشرك إلا عند الضرورة، فإن وقع ذلك فهو جائز؛ لأنه لما جاز لنا أن نأخذ أموالهم بالمعاوضة منهم في أثمان ما بيع منهم كان كذلك المنافع الطارئة منا، ألا ترى أن خبابا عمل للعاصي بن وائل وهو كافر، وجاز له ذلك.

                                                                                                                                                                                                                              والقين سلف في البيوع قريبا وأنه الحداد.

                                                                                                                                                                                                                              واختلف أصحابنا فيما إذا أجر المسلم نفسه لكافر إجارة عين، والأصح عندنا صحتها، نعم يؤمر بإزالة الملك عنها على الأصح.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية