الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ( 71 ) قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون ( 72 ) )

يقول تعالى ذكره : ويقول مشركو قومك يا محمد ، المكذبوك فيما أتيتهم به من عند ربك : ( متى ) يكون ( هذا الوعد ) الذي تعدناه من العذاب ، الذي هو بنا فيما تقول حال ، ( إن كنتم صادقين ) فيما تعدوننا به ( قل عسى أن يكون ردف لكم ) يقول جل جلاله : قل لهم يا محمد : عسى أن يكون اقترب لكم ودنا ( بعض الذي تستعجلون ) من عذاب الله .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . [ ص: 492 ]

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : ( قل عسى أن يكون ردف لكم ) يقول : اقترب لكم .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون ) يقول : اقترب لكم بعض الذي تستعجلون .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( عسى أن يكون ردف لكم ) قال : ردف : أعجل لكم .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله : ( قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون ) قال : أزف .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( ردف لكم ) اقترب لكم .

واختلف أهل العربية في وجه دخول اللام في قوله : ( ردف لكم ) وكلام العرب المعروف : ردفه أمر ، وأردفه ، كما يقال : تبعه وأتبعه ، فقال بعض نحويي البصرة : أدخل اللام في ذلك فأضاف بها الفعل كما يقال : ( للرؤيا تعبرون ) و ( لربهم يرهبون ) .

وقال بعض نحويي الكوفة : أدخل اللام في ذلك للمعنى ; لأن معناه : دنا لهم ، كما قال الشاعر :


فقلت لها الحاجات يطرحن بالفتى



فأدخل الباء في يطرحن ، وإنما يقال طرحته ، لأن معنى الطرح : الرمي ، فأدخل الباء للمعنى ، إذ كان معنى ذلك يرمين بالفتى ، وهذا القول الثاني هو أولاهما عندي بالصواب ، وقد مضى البيان عن نظائره في غير موضع من الكتاب ، بما أغنى عن تكراره [ ص: 493 ] في هذا الموضع .

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : ( تستعجلون ) قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج : ( ردف لكم بعض الذي تستعجلون ) قال : من العذاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية