الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4194 (32) باب تحريم اللعب بالنرد

                                                                                              [ 2124 ] عن سليمان بن بريدة، عن أبيه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لعب بالنردشير، فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه.

                                                                                              رواه أحمد (2 \ 345) ومسلم (2260) وأبو داود (4940) وابن ماجه (3765). [ ص: 560 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 560 ] (32) ومن باب اللعب بالنرد

                                                                                              قوله: (من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه) قيدنا النردشير بفتح الدال وكسر الشين، وكأنهما كلمة واحدة مبنية الوسط. قال الخليل: النرد: فارسي.

                                                                                              قلت: وكأن النردشير نوع من النرد. وهو لعبة مقصودها القمار، وأكل المال بالباطل، مع ما فيها من الصد عن ذكر الله، وعن الصلاة، وعما يفيد الإنسان في دينه ودنياه، ومع ما يطرأ فيها من الشحناء، والبغضاء، ولذلك شدد النبي - صلى الله عليه وسلم - في لعبها فقال: فيما رواه مالك عن أبي موسى : (من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله) وهذا نص في تحريم النرد، وهو المراد بقوله: ( فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه ) فإن هذا الفعل في الخنزير حرام; لأنه إنما عنى بذلك تذكية الخنزير، وهي حرام بالاتفاق، ولذلك لم يختلف فيه، ويلحق به كل ما يقامر به، كالشطرنج، والأربعة عشر، وغير ذلك مما في معناه.

                                                                                              [ ص: 561 ] واختلف في الشطرنج إذا لم يقامر به. فقيل: إنه على التحريم. وهو ظاهر قول مالك ، والليث ; حيث قالا: إنها شر من النرد وألهى. ويؤيد هذا أحاديث رواها عبد الملك بن حبيب تقتضي ذم لاعب الشطرنج ولعنه. ولا شك في أن من ظن التحريم فيها إنه يرد شهادة اللاعب بها. وذهبت طائفة إلى أن ذلك مكروه، وهو نص المذهب، غير أن من أصحابنا من تأوله على التحريم، والكراهة مذهب الشافعي وأبي حنيفة ، ولا يردان شهادة من لعب بها من غير قمار. وقال مالك : تسقط شهادة المدمن عليها. وقال بعض أصحابنا: إن المحرم إنما هو الإدمان عليها، فأما لو لم يدمن عليها، وتستر باللعب بها مع الأكفاء والنظراء، وسلم من المفاسد التي ذكرناها فهي مباحة، وقد فسر بعض أصحابنا هذا: بأن يلعبها مرة في السنة. وهذا شذوذ.




                                                                                              الخدمات العلمية