nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52nindex.php?page=treesubj&link=29022_32408_30549كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون
كلمة كذلك فصل خطاب تدل على إنهاء حديث والشروع في غيره ، أو الرجوع إلى حديث قبله أتى عليه الحديث الأخير . والتقدير : الأمر كذلك والإشارة إلى ما مضى من الحديث ، ثم يورد بعده حديث آخر ، والسامع يرد كلا إلى ما يناسبه ، فيكون ما بعد اسم الإشارة متصلا بأخبار الأمم التي تقدم ذكرها من قوم لوط ومن عطف عليهم .
أعقب تهديد المشركين بأن يحل بهم ما حل بأمم المكذبين برسل الله من قبلهم بتنظيرهم بهم في مقالهم ، وقد تقدم ورود " كذلك " فصلا للخطاب عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=91كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا في سورة الكهف ، فقوله كذلك فصل وجملة "
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52ما أتى الذين من قبلهم من رسول " الآية مستأنفة استئنافا ابتدائيا .
ولك أن تجعل قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52كذلك ما أتى الذين من قبلهم " إلى آخره مبتدأ استئناف ، أو عودا إلى الإنحاء على المشركين في قوله المختلف بأنواع التكذيب في التوحيد والبعث وما يتفرع على ذلك .
[ ص: 21 ] واسم الإشارة راجع إلى قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=8إنكم لفي قول مختلف " الآية كما علمت هنالك ، أي : مثل قولهم المختلف قال الذين من قبلهم لما جاءتهم الرسل ، فيكون قوله " كذلك " في محل حال وصاحب الحال الذين من قبلهم .
وعلى كلا الوجهين فالمعنى : أن حال هؤلاء كحال الذين سبقوهم ممن كانوا مشركين أن يصفوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنه ساحر ، أو مجنون فكذلك سيجيب هؤلاء عن قولك " فروا إلى الله ولا تجعلوا مع الله إلها آخر " بمثل جواب من قبلهم فلا مطمع في ارعوائهم عن عنادهم .
والمراد بـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=50الذين من قبلهم ) الأمم المذكورة في الآيات السابقة وغيرهم ، وضمير " قبلهم " عائد إلى مشركي العرب الحاضرين .
وزيادة " من " في قوله " من رسول " للتنصيص على إرادة العموم ، أي : أن كل رسول قال فيه فريق من قومه : هو ساحر ، أو مجنون ، أي : قال بعضهم : ساحر ، وقال بعضهم : مجنون ، مثل قوم نوح دون السحر إذ لم يكن السحر معروفا في زمانهم قالوا
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=25إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين . وقد يجمعون القولين مثل قول
فرعون في
موسى .
وهذا العموم يفيد أنه لم يخل قوم من الأقوام المذكورين إلا قالوا لرسولهم أحد القولين ، وما حكي ذلك عن بعضهم في آيات أخرى بلفظه أو بمرادفه كقول قوم هود
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=54إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء .
nindex.php?page=treesubj&link=31820وأول الرسل هو
نوح كما هو صريح الحديث الصحيح في الشفاعة . فلا يرد أن
آدم لم يكذبه أهله ، وأن أنبياء بني إسرائيل مثل
يوشع ، وأشعيا لم يكذبهم قومهم ؛ لأن الله قال " من رسول " والرسول أخص من النبيء .
والاستثناء في " إلا قالوا ساحر " استثناء من أحوال محذوفة .
والمعنى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52ما أتى الذين من قبلهم من رسول في حال من أحوال أقوالهم إلا في حال قولهم : ساحر أو مجنون .
[ ص: 22 ] والقصر المستفاد من الاستثناء قصر ادعائي ؛ لأن للأمم أقوالا غير ذلك ، وأحوالا أخرى ، وإنما قصروا على هذا اهتماما بذكر هذه الحالة العجيبة من البهتان ، إذ يرمون أعقل الناس بالجنون وأقومهم بالسحر .
وإسناد القول إلى ضمير الذين من قبل مشركي العرب الحاضرين إسناد باعتبار أنه قول أكثرهم فإن الأمور التي تنسب إلى الأقوام والقبائل تجري على اعتبار الغالب .
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52nindex.php?page=treesubj&link=29022_32408_30549كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ
كَلِمَةُ كَذَلِكَ فَصْلُ خِطَابٍ تَدُلُّ عَلَى إِنْهَاءِ حَدِيثٍ وَالشُّرُوعِ فِي غَيْرِهِ ، أَوِ الرُّجُوعِ إِلَى حَدِيثٍ قَبْلَهُ أَتَى عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْأَخِيرُ . وَالتَّقْدِيرُ : الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَالْإِشَارَةُ إِلَى مَا مَضَى مِنَ الْحَدِيثِ ، ثُمَّ يُورَدُ بَعْدَهُ حَدِيثٌ آخَرُ ، وَالسَّامِعُ يَرُدُّ كُلًّا إِلَى مَا يُنَاسِبُهُ ، فَيَكُونُ مَا بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ مُتَّصِلًا بِأَخْبَارِ الْأُمَمِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا مِنْ قَوْمِ لُوطٍ وَمَنْ عُطِفَ عَلَيْهِمْ .
أُعْقِبَ تَهْدِيدُ الْمُشْرِكِينَ بِأَنْ يَحُلَّ بِهِمْ مَا حَلَّ بِأُمَمِ الْمُكَذِّبِينَ بِرُسُلِ اللَّهِ مِنْ قَبْلِهِمْ بِتَنْظِيرِهِمْ بِهِمْ فِي مَقَالِهِمْ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ وُرُودُ " كَذَلِكَ " فَصْلًا لِلْخِطَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=91كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا فِي سُورَةِ الْكَهْفِ ، فَقَوْلُهُ كَذَلِكَ فَصْلٌ وَجُمْلَةُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ " الْآيَةَ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا .
وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ قَوْلَهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ " إِلَى آخِرِهِ مُبْتَدَأَ اسْتِئْنَافٍ ، أَوْ عَوْدًا إِلَى الْإِنْحَاءِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي قَوْلِهِ الْمُخْتَلِفِ بِأَنْوَاعِ التَّكْذِيبِ فِي التَّوْحِيدِ وَالْبَعْثِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ .
[ ص: 21 ] وَاسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِهِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=8إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ " الْآيَةَ كَمَا عَلِمْتَ هُنَالِكَ ، أَيْ : مِثْلَ قَوْلِهِمُ الْمُخْتَلِفِ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ لَمَّا جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ " كَذَلِكَ " فِي مَحَلِّ حَالٍ وَصَاحِبُ الْحَالِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ .
وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ فَالْمَعْنَى : أَنَّ حَالَ هَؤُلَاءِ كَحَالِ الَّذِينَ سَبَقُوهُمْ مِمَّنْ كَانُوا مُشْرِكِينَ أَنْ يَصِفُوا الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ سَاحِرٌ ، أَوْ مَجْنُونٌ فَكَذَلِكَ سَيُجِيبُ هَؤُلَاءِ عَنْ قَوْلِكَ " فِرُّوا إِلَى اللَّهِ وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ " بِمِثْلِ جَوَابِ مَنْ قَبْلَهُمْ فَلَا مَطْمَعَ فِي ارْعِوَائِهِمْ عَنْ عِنَادِهِمْ .
وَالْمُرَادُ بِـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=50الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) الْأُمَمُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْآيَاتِ السَّابِقَةِ وَغَيْرُهُمْ ، وَضَمِيرُ " قَبِلِهِمْ " عَائِدٌ إِلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ الْحَاضِرِينَ .
وَزِيَادَةُ " مِنْ " فِي قَوْلِهِ " مِنْ رَسُولٍ " لِلتَّنْصِيصِ عَلَى إِرَادَةِ الْعُمُومِ ، أَيْ : أَنَّ كُلَّ رَسُولٍ قَالَ فِيهِ فَرِيقٌ مِنْ قَوْمِهِ : هُوَ سَاحِرٌ ، أَوْ مَجْنُونٌ ، أَيْ : قَالَ بَعْضُهُمْ : سَاحِرٌ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَجْنُونٌ ، مِثْلَ قَوْمِ نُوحٍ دُونَ السِّحْرِ إِذْ لَمْ يَكُنِ السِّحْرُ مَعْرُوفًا فِي زَمَانِهِمْ قَالُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=25إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ . وَقَدْ يَجْمَعُونَ الْقَوْلَيْنِ مِثْلَ قَوْلِ
فِرْعَوْنَ فِي
مُوسَى .
وَهَذَا الْعُمُومُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَخْلُ قَوْمٌ مِنَ الْأَقْوَامِ الْمَذْكُورِينَ إِلَّا قَالُوا لِرَسُولِهِمْ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ ، وَمَا حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي آيَاتٍ أُخْرَى بِلَفْظِهِ أَوْ بِمُرَادِفِهِ كَقَوْلِ قَوْمِ هُودٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=54إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=31820وَأَوَّلُ الرُّسُلِ هُوَ
نُوحٌ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي الشَّفَاعَةِ . فَلَا يُرَدُّ أَنَّ
آدَمَ لَمْ يُكَذِّبْهُ أَهْلُهُ ، وَأَنَّ أَنْبِيَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِثْلَ
يُوشَعَ ، وَأَشْعِيَا لَمْ يُكَذِّبْهُمْ قَوْمُهُمْ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ " مِنْ رَسُولٍ " وَالرَّسُولُ أَخَصُّ مِنَ النَّبِيءِ .
وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي " إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ " اسْتِثْنَاءٌ مِنْ أَحْوَالٍ مَحْذُوفَةٍ .
وَالْمَعْنَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ فِي حَالٍ مِنْ أَحْوَالِ أَقْوَالِهِمْ إِلَّا فِي حَالِ قَوْلِهِمْ : سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ .
[ ص: 22 ] وَالْقَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ قَصْرٌ ادِّعَائِيٌّ ؛ لِأَنَّ لِلْأُمَمِ أَقْوَالًا غَيْرَ ذَلِكَ ، وَأَحْوَالًا أُخْرَى ، وَإِنَّمَا قَصَرُوا عَلَى هَذَا اهْتِمَامًا بِذِكْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ الْعَجِيبَةِ مِنَ الْبُهْتَانِ ، إِذْ يَرْمُونَ أَعْقَلَ النَّاسِ بِالْجُنُونِ وَأَقْوَمَهُمْ بِالسِّحْرِ .
وَإِسْنَادُ الْقَوْلِ إِلَى ضَمِيرِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ الْحَاضِرِينَ إِسْنَادٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ فَإِنَّ الْأُمُورَ الَّتِي تُنْسَبُ إِلَى الْأَقْوَامِ وَالْقَبَائِلِ تَجْرِي عَلَى اعْتِبَارِ الْغَالِبِ .